أيضا، فالتكليف مشروط بالعلم بالمعنى الذي قدّمناه، لا بالعلم مطلقا، غاية الأمر الاكتفاء بالظن في تعيين نفس الأمر، فإذا حصل العلم أو الظن للمكلّف بأنّه مندرج تحت أحد العنوانين و يتبعه، و ما بقي فيه على الجهالة، فيرجع فيه إلى الأصول و القواعد و الأدلّة الخارجة.
فإذا رأينا قوله تعالى: إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا[1] فلا ريب أنّه يجب علينا التبيّن في خبر معلوم الفسق، و القبول في معلوم العدالة، و أما في المجهول الحال:
فلا بدّ من التفحّص، فإن حصل علم أو ظنّ بحاله فهو المتّبع، و إلّا فيرجع إلى الدليل الخارجي. و العلّة المنصوصة في الآية هنا دليل خارجي يوجب إلحاقه بالفاسق؛ لاشتراكهما في العلّة.
و في مثل قول الشارع: «يجوز شراء الحلال و يحرم شراء الحرام» فالحكم في معلومي الحال واضح.
و أمّا المجهول: فيرجع فيه إلى الدليل الخارجي، و هو أصل البراءة و الإباحة و قولهم (عليهم السلام): «كلّ شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه» هذا الكلام في أقوال الشارع و خطاباته بالنسبة إلى المكلّفين.
و أمّا كلمات نفس المكلّفين: فهي أيضا تحمل على ما هو موضوع له في نفس الأمر عندهم، فإذا نذر صوم أوّل رجب، فهو مكلّف بصوم ما هو أوّله في نفس الأمر، و هو مراده، و إن كان يحتاج في تعيينه إلى اجتهاد، و يكتفي بالظنّ في ما لم يحصل العلم، و يعمل بالدليل الخارجي في ما جهل الحال. فمقتضى استصحاب الشهر عدمه حتّى يحصل الدليل عليه.
و لكن هاهنا دقيقة لا بدّ أن ينبّه عليها و هو أنّه قد يطلق على شيء عنوانان من الإضافات و الأوصاف، مثل يوم مولد النبي (صلى اللّه عليه و آله)، و يوم السابع عشر من ربيع الأوّل،