و إمّا عامّة: كموادّة أهل الإيمان بعضهم لبعض؛ لأجل الإيمان، و إن لم يتعارفوا بالشخص و الخصوص، و كموادّة أولي الأرحام بعضهم لبعض و إن لم يتعارفوا.
فالإذن في المتعارفين فعليّة، و في المتناكرين قوليّة، و في المختلفين تعتبر حال المستأذن، فإن عرف المرابطة، فيكفيه، و إن لم يعرفها الآخر، كالأب- الذي لا يعرفه ولده لنشوئه في بلد آخر، أو لزعمه أنّ أباه مات- إذا أراد دخول دار ابنه، و هو يعرف أنّه ابنه.
ثمّ إنّ المعتبر في المرابطة حصول سببها في نفس الأمر بحسب إذعان المستأذن، و لكن من حيث إنّه مذعن بتلك السببية، و ما دام مذعنا بها.
فقد يتخالف ذلك في المتصادقين ظاهرا و المتضايفين- أبوّة و بنوّة و غيرهما- في نفس الأمر، فيحصل بينهما مصادقة لاشتباه وقع في سببها لو ظهر خطؤه لتبدّل بالتباغض، كالصديق المنافق في الصداقة الّذي هو في الظاهر في غاية إظهار علامات الصداقة، و هو عدوّ في الباطن. و كالكافر المتظاهر بالإيمان المنافق، فالرفيق الآخر يحبّ هذا المتظاهر بالصداقة لأجل صداقته على مقتضى ما فهمه من ظاهر حاله.
و المؤمن الخالص يحبّ هذا الكافر المنافق على مقتضى ما فهمه منه من الإيمان بحسب ظاهر حاله، و يرضى بتصرّفه.
فالإذن حينئذ، إنّما هي على ظاهر الحال، و أمّا لو اطّلع على الباطن فلا يأذن له.
فحينئذ، لا إذن لذلك المنافق في التصرّف في مال الآخر، كما أنّه في صورة العكس بالعكس، كما لو أنكر أحد أباه و لا يرضى بدخول أحد في داره من الأجانب، و بحسب أنّ أباه هذا أجنبيّ؛ لإنكاره إيّاه، فيجوز للأب الدخول؛ لأنّ الابن لو عرف أنه أبوه لرضي به أشدّ الرضا، و لأذن له أطوع إذن.
و إنّما قيّدنا نفس الأمر بحسب اذعان المستأذن بقولنا «من حيث إنّه مذعن بالسببية و ما دام مذعنا»؛ لأنّ المرابطة العامّة قد يكون سببها أمرا يوجب