أقول- و باللّه التوفيق و بيده أزمّة التحقيق-: إنّ قبل الخوض في المقصود لا بدّ من تقديم مقدّمات:
المقدّمة الأولى:
اعلم، أنّ التصرّف في مال الغير ممنوع عقلا و شرعا إلا بإذنه.
و الإذن ينقسم إلى صريح، و فحوى، و شاهد حال.
فالصريح: كقول القائل لغيره: «صلّ في داري».
و الفحوى: كقوله «كن عندنا ضيفا في دارنا إلى الغد» فإنّ ذلك يدلّ بمفهوم الموافقة على الرخصة في صلاته في الدار، و التوضّؤ من مائه و أوانيه، و شربه منها.
و شاهد الحال: مثل أن يكون بينهما مصادقة دنيوية أو دينيّة و مصافاة بحيث لو اطّلع على أنّه يريد التصرّف في ماله و داره و الدخول فيها و التوضّؤ من مائه و أوانيه لرضي به، و لو استأذنه في ذلك لأذن له.
فالأولان: إذن بلسان القال، إمّا مطابقة أو التزاما، و الثالث: إذن بلسان الحال.
فالحال: هي مرابطة بين الآذن و المأذون له ناطقة من جانب صاحب المال بقوله:
«ادخل الدار و صلّ».
و هذه المرابطة إمّا خاصّة: كالمرابطة الحاصلة بين صديقين متعارفين، يعرف كلّ منهما صاحبه و صداقته.