اليهود، فتمسك العالم اليهودي لاثبات دينه باستصحاب نبوّة موسى على نبينا و آله و (عليه السلام)، لاعتراف المسلمين على اصل ثبوتها و حقيتها، قال: فعلى المسلمين اقامة الدليل على ارتفاعها و انقطاعها، و هذه الشبهة قد اشار اليها الجاثليق لاثبات نبوة عيسى على نبينا و آله و (عليه السلام) في مجلس المأمون، فاجابه الرضا (عليه السلام) بانى مقر بنبوة عيسى و كتابه و ما بشر به امته و ما اقرت به الحواريون، و كافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوة محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) و كتابه و لم يبشر به امته [1]، فاجابه الفاضل المذكور على حسب ذلك بانا نقول بنبوة موسى الذي اقر بنبوة محمّد (صلّى اللّه عليه و آله)، و لا نقول بنبوة كل موسى لم يقر بنبوة محمّد (صلّى اللّه عليه و آله)، فاعترض عليه اليهودي بان موسى بن عمران حاله معهود و شخصه معروف، قد ادعى النبوة و جاء بدين و شريعة، و انتم تعرفون صحتها و لا يتفاوت ثبوت ذلك بين ان يقول بنبوة محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) اولا يقول بها، فنحن نقول بنبوة ذاك الشخص المعهود و بقائها بحكم الاستصحاب، فعليكم بابطاله «انتهى حكاية المخاصمة بين اليهودى و بعض السادة».
و قد اجابوا عن اشكال اليهودى باجوبة لا يهمنا ذكرها.
و الحق في الجواب: ان اليهودى المذكور تارة يريد ان يتمسك بالاستصحاب لتكليف نفسه فيما بينه و بين ربه، و اخرى يريد الزام الخصم.
فان كان غرضه تكليف نفسه فنقول: بقاء نبوة موسى على نبينا و آله و (عليه السلام) الراجع الى بقاء احكامه في نفس الامر ملزوم لامرين: احدهما وجوب الاعتقاد و العلم بذلك الذي هو مقتضى الايمان، و الثاني وجوب العمل بتلك الاحكام.
فان اراد اثبات اللازم الاول بالاستصحاب فهو غير معقول، لانه حكم
[1] توحيد الصدوق، باب ذكر مجلس الرضا، ص 420 (طبعة الصدوق).