فالمقصود الحاصل من هذه المقدّمة عبارة عن أنّ الخارج عن محلّ الكلام و البحث العناوين الذاتية من الجوامد و الأفعال و المصادر من المشتقّات.
فإذا عرفت ذلك فاعلم أنّ لشيخنا الاستاذ (قدّس سرّه) هنا كلاما و إشكالا في جريان نزاع المشتقّ فيما إذا كان المبدأ فيه منتزعا عن مقام الذات، من دون أن يحاذيه شيء في الخارج، مثل ما إذا كان من سنخ خارج المحمول كالعلّة و المعلول، و الممكن و ما يقابله من الواجب و الممتنع، فإنّه خارج عن محلّ البحث.
و ذلك من جهة أنّ في تلك الموارد من هذه العناوين لا يعقل بقاء الذات و زوال التلبّس، فتكون من سنخ العناوين الذاتية، فإنّ الإمكان مثلا منتزع عن مقام ذات الممكن و هو الإنسان، أو الملك و الجنّ، لا عن أمر خارج عن مقام ذاته و حقيقته، إذ لو لا ذلك فلا محالة يكون الممكن في مرتبة ذاته خاليا عن الإمكان و لا يكون متّصفا به، فعند ذلك يلزم انقلاب الممكن إلى الواجب أو الممتنع، لاستحالة خلوّ شيء عن أحد الأقسام الثلاثة، أو الالتزام بأنّ الموادّ الثلاثة أي الوجوب و الإمكان و الامتناع و إن كانت خارجة عن ذات الشيء و ذاتيّاته، لأنّها نسبة إلى وجود الشيء الخارج عن مقام الذات، إلّا أنّها منتزعة عن ذلك المقام، فلا تعقل أن تخلو ماهيّة من الماهيّات عن أحد هذه المواد الثلاثة في حال من الأحوال. و هكذا العلّية و المعلوليّة، فإنّهما منتزعتان عن نفس ذاتهما، لا عن خارج مقام الذات، و إلّا يلزم اتّصاف ذات العلّة و ذات المعلول بغيرهما، و هو بديهيّ البطلان.
و لكنّ المنصف المتأمّل فيما ذكرناه في المقام ينقدح له الجواب عن إشكال شيخنا الاستاذ (قدّس سرّه)، و ذلك من جهة أنّ البحث في المشتقّ- كما أشرنا إليه آنفا بالتفصيل- ليس إلّا وضع الهيئة فقط، من دون أيّ ربط بمادّة دون مادّة، إذ قد