فتلخّص أنّ دخول الشيء في محلّ النزاع في مقامنا هذا يبتنى على أصلين:
الأصل الأوّل: أن يكون الشيء جاريا و محمولا على الذات المتلبّسة بالمبدإ و متّحدا معها خارجا بنحو من أنحاء الاتحاد، و بذلك الركن و الأساس خرجت المصادر المزيدة، لأنّها غير جارية على الذات المتّصفة بها، فإنّها مغايرة معها خارجا و عينا، فلا يقال في المحاورة: زيد إكرام، إذا كان زيد متّصفا بهذا المبدأ، بل يقال: زيد كريم. و هكذا يكون الأمر بالنسبة إلى المصادر المجرّدة و لا يشملها النزاع، لعدم صحّة حملها في المحاورة على الذات، لعدم صحّة قولك: زيد علم أو عدل أو زهد أو صبر إلّا من باب المبالغة مجازا، و إن قلنا بأنّها تكون من جملة المشتقّات، كما أنّ هذا هو الحقّ الصحيح من المختار. و هكذا الأفعال بتمامها غير داخلة في محلّ النزاع، لكونها فاقدة لهذا الأصل و الركن الركين.
و الأصل الثاني: عبارة عن أن تكون الذات باقية بعد انقضاء المبدأ بأن تكون لها حالتان: حالة تلبّسها بالمبدإ، و حالة انقضاء المبدأ عنها، فإذا عرفت هذا الركن فلا ينبغي الريب في أنّ القسم الأوّل من الجوامد خارج عن حريم النزاع كالإنسان و الحيوان و الشجر و ما يشاكلها من العناوين الذاتية، و ذلك من جهة أنّ قوام الإنسانية و الشجرية و الحيوانية في الصدق و التطبيق متقوّم ببقاء صورة النوعية، فإذا انقضت تلك الصورة فلا محالة أنّ الذات غير باقية، إذ الإنسانية إذا تبدّلت بتراب و هكذا الشجرية إذا تبدّلت بالرماد لا يصدق على ذلك التراب و الرماد عنوان الإنسان و الشجر.
فبذلك يعلم أنّ صدق هذه العناوين متوقّف على بقاء صورة نوعية الإنسان و الشجر، فإذا تبدّلت بالرماد و التراب فلا يجوز الحمل و الجري، فكيف يجوز أن يقال للتراب أنّه إنسان و للرماد بأنّه شجر.
فإذن لا يجري النزاع فيما إذا كان قوام الشيء من حيث الذات بصورته