اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي الجزء : 1 صفحة : 287
و ما «كشف اللثام عن وجه التورية و الاستخدام» إلاّ نسخة ثانية لكراسة من كتابه الضخم «شرح تقديم أبي بكر» ، إذ تحدّث فيه عن التورية كنوع بديعيّ و أفرط في الحديث عنها، و لعلّه فعل ذلك ليكشف عن وجه هذه الأنواع البلاغية، و ليؤكّد مناصرته لجماعة التورية على جماعة الجناس.
2-ما قاله العلماء و النقّاد في «البديعية» و «شرحها» : (تقاريظ و مآخذ) :
سبق أن أشرت إلى أنّ «تقديم أبي بكر» و «شرحه المطوّل» قد حظيا بعناية أكثر مما حظيت به بديعية أخرى أو شرحها، و كان لهما الأثر البالغ في من جاء بعد ابن حجّة من المشتغلين بالبلاغة و الكتابة و النقد و الأدب.
و يمكن القول: إنّ الذين اشتغلوا بالبلاغة من المتأخّرين كانوا فئتين: فئة أعجبت بصنيع ابن حجّة في نظمه لبديعيته و شرحها، فقرنت اسمه في مؤلّفاتها بالثناء العطر، و الشكر الطيّب [1] ؛ و فئة أخرى رأت في صنيعه هذا اجترارا لفنّ البديعيات، إذ اشتغل فيه الكثيرون قبله، و لم يكن له فضل فيه، بل راحوا ينسبون إليه إساءة الأدب تجاه من سبقوه في هذا الفنّ، و ذلك لاعتزازه و فخره بنفسه و التبجّح بصنيعه.
أمّا المعجبون فمنهم جلال الدين السيوطيّ، إذ وجد في بديعية ابن حجّة و شرحها أفضل مثال يحتذى، فعمد إلى أن يدلي بدلوه في هذا الفنّ، فنّ البديعيات، متّخذا من «تقديم أبي بكر» و «شرحه» مرجعا له فكان له «نظم البديع في مدح خير شفيع» . كما أنّ الأديبة الشاعرة عائشة الباعونية، و هي من معاصري السيوطيّ، قد أعجبت بشرح ابن حجّة على بديعيته، فاعتمدت عليه في شرح كتابها المسمّى «الفتح المبين في مدح الأمين» ، و راحت تنقل عنه بعض التعريفات و الشواهد بأمانة مصرّحة بهذا النقل فتقول: قال العلاّمة كذا... ، و عرّف العلاّمة هذا النوع بكذا... ، و هي تقصد بـ «العلاّمة» ابن حجّة. و من هؤلاء أيضا الأب بولس عوّاد، و هو معاصر، إذ طلبت منه إحدى المؤسّسات الكاثوليكية في بيروت أن يؤلّف كتابا في البديع، فما كان منه، لإعجابه ببديعية ابن حجّة، إلاّ أن يتّخذها عمدة لكتابه «العقد البديع في فنّ البديع» ، فأخذ أبياتها بيتا بيتا و شرحها بأسلوب معاصر، و شواهد معاصرة.
و أمّا الفئة التي لم يعجبها صنيع ابن حجّة في «تقديمه» و «شرحه» ، فمنها
[1] انظر في هذا أثر البديعية و شرحها في الأدب، و قد سبق الكلام عليه.
اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي الجزء : 1 صفحة : 287