اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي الجزء : 1 صفحة : 165
ثمّ إن مضمون هذه المؤلّفات المتمثّل بما حوته في ثناياها من فنون الأدب شعرا و نثرا، و من القصص و الأمثال، و لمحات النحو و الصرف و العروض و النقد و التاريخ، بالإضافة إلى شواهد الشعر، و آيات القرآن الكريم و أحاديث رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) ، و غيرها، يحثّ الباحث و يغريه و يدفعه إلى دراسة أثر «البديعيات» في الأدب، التي لم يكن فنّ البديع معها سوى مطيّة لناظمها أو لشارحها ليكشف عن مكنونات صدره و مدّخرات علمه و أدبه. و من هنا تبدو دراسة أثر «البديعيات» في الأدب تنطلق باتجاهين: أحدهما من حيث كثرة المؤلّفات المنبثقة عن «البديعيات» ، و مضمون هذه المؤلّفات، و ثانيهما: من حيث الفوائد العلميّة في هذه المؤلّفات و قيمتها.
1-المؤلّفات المنبثقة عن البديعيّات، و مضمونها:
لقد اقترن فنّ «البديعيات» بفكرة التأليف منذ نشأته، و قد مرّ أنّ ناظمي «البديعيات» كانوا يعكفون على بديعيّاتهم بالشرح و التوضيح، و ربّما كان الشرح يطلب من الناظم بعد أن ينظم بديعيّته فيستجيب لذلك، كما حصل مع كثير منهم [1] .
و ربّما كان صنيعهم هذا إشارة إلى سيرهم على طريق رائدهم الأوّل الحليّ، و هذا ما ساهم في وجود شروح لجميع البديعيّات تقريبا.
و كانت هذه الشّروح التي قام بها الناظمون أنفسهم تنمّ عن غاية أخرى مهمّة حملت عددا من هؤلاء الناظمين على شرح بديعيّاتهم، ألا و هي رغبتهم في عرض بضاعتهم العلميّة إلى جانب أنواع البديع و شواهده، و التفاخر فيما يحملون من مدّخرات فنون الشعر و الأدب، و إظهار مقدرتهم على الخوض في غمرة هذا التيّار الفنّيّ الزاخر بالطرافة و العلوم و الفنون، و خير مثال على ذلك، ما قام به ابن حجّة الحموي من شرح لبديعيته حتى كانت «خزانة في الأدب» ، و ما قام به ابن معصوم في «أنوار الربيع في أنواع البديع» ، و عبد الغنيّ النابلسيّ في «نفحات الأزهار على نسمات الأسحار» ، و غيرهم... ، و هذا ما يؤكّد أنّ «البديعية» بما حوته من أنواع البديع لم تكن عند بعض الناظمين سوى مطيّة يتوسّل بها الشاعر لغرض آخر غير الظاهر، و يجعل منها وسيلة للوصول إلى كتاب يجمع فنونا شتّى من الشعر و البلاغة و الأدب و غيرها. و هذا يعني أنّ ناظمي البديعيات كانوا في شرح بديعيّاتهم مدفوعين