اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي الجزء : 1 صفحة : 164
مديح نبويّ عام، غايته بالإضافة إلى ذلك تعداد أنواع البديع و الاستشهاد عليها بأبيات البديعيات ذاتها.
و بناء على ذلك، فالبديعيات هي ذاك الفنّ الشعريّ الطريف الذي بزغ في أوائل القرن الثامن الهجريّ، و تلألأت شمسه في سماء التراث العربي الإسلاميّ في القرون الستّة المتتالية، فجمع بين الطرفة و المتعة و الفائدة، و الذوق و الإحساس، كما أنه لا يخلو من الصورة الجميلة و العاطفة الصادقة، و التعبير العفويّ و اللمحات الوجدانية المعبّرة، في حين كانت كلّ المنظومات التعليمية السائدة في زمن نموّ البديعيات تخلو تماما مما يمتّ بصلة إلى الوجدان أو العاطفة، إذ كانت تنحت من صميم الفكر و تمزج بقوانين العقل و تصبّ في قوالب شعرية خالية من أيّة عاطفة أو غرض شعريّ إضافيّ. أمّا البديعيات، فعلى العكس من ذلك، فقد حوت إلى جانب الغاية العلمية غرضا شعريّا ينمّ عن عاطفة الشاعر و إحساسه و وجدانه، رغم الخيط التأليفيّ الذي ينتظم كل بيت فيها و الذي يطغى على قسمات القصيدة شاء الشاعر أم أبى.
2-أثر البديعيّات و قيمتها:
أ-أثرها في الأدب:
إنّ ناظمي البديعيات لم يكونوا شعراء، فحسب، إنّما كانوا شعراء أدباء، قد امتلكوا زمام الأدب من طرفيه: الموهبة الشعريّة، و المقدرة على التأليف، فهذّبت الشاعرية أقلامهم، و قعّد القلم أشعارهم.
و هؤلاء ما كانوا ليكتفوا بنظم البديعيّة، في الغالب، بل كانوا يجعلون همّهم في شروحها، و التنبيه على مستغلقاتها، و الإشارة إلى مواطن الاستشهاد فيها، بشرح يطول و يتّسع تارة، أو يختصر و يضيق تارة أخرى. فإن حدث و أغفل أحدهم شرح بديعيّته فإنها ستلقى من يعيد لها ذلك من أصدقائه أو المعجبين به، أو بعض المتطلّعين إلى خوض غمار هذا التيّار الذي ركبه كبار الشعراء و الأدباء، و لذلك نجد مجموعة كبيرة من المؤلّفات التي تناولت فنّ «البديعيّات» كوّنت خطّا متميّزا في المكتبة العربية، و جانبا لا يستهان به في التراث الأدبيّ، لما لهذا الجانب من مدلولات و إيضاحات حول هذا الفنّ و موقف أذواق الناس منه، و حول ذلك العصر الذي حضنه منذ بداياته.
اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي الجزء : 1 صفحة : 164