responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 121

7-نشأة علم البديع و تطوّره حتى زمن ابن حجّة الحموي:

سبق أن أشرت إلى أن البديع كأثر فنّي كان موجودا في الأدب العربي منذ وجد الأدب، إلاّ أنه كان سليقة لدى الأدباء العرب، و لم يكونوا يعرفونه بهذا الاسم، و إنما كانوا يطبّقونه في شعرهم و خطابتهم و أمثالهم و حكمهم و وصاياهم منذ العصر الجاهليّ أيّام كانوا يجتمعون في الأسواق و الأندية الأدبية كالمربد و عكاظ، فنجد في أدبهم نماذج مختلفة من فنون البديع مبثوثة في ثناياه بطريقة عفويّة، لا تقعّر فيها و لا تكلّف، و قد ينظم الشاعر منهم القصيدة في شهر و ينقّحها و يهذّبها في أشهر دون أن يكون للبديع أيّة عناية في تدبيجها و تنقيحها، أو في نقدها و تصحيحها، فكان الشعراء يتناشدون أمام زهير و النابغة ليحكما على جودة شعرهم أو رداءته، من خلال روايتهما له بمنظار هذا العلم، و إن لم يكونا قد عرفاه بعد كعلم له حدوده و مصطلحاته الخاصّة به.

و إذا انتقلنا إلى القرآن الكريم مع مجي‌ء الإسلام نجد نصوصه في ذروة البلاغة من حيث معناها: «إصابة المعنى و القصد إلى الحجّة» ، و «حسن الإشارة و إيضاح الدلالة» ، فخير الكلام «ما ظرفت معاليه، و شرفت مبانيه، و التذّت به آذان سامعيه» [1] ، إذ إنّ الهدف من القرآن الكريم مخاطبة عقول الأمة و التأثير في وعيها، فإن جاءت الصورة البديعيّة في التعبير زادته خيرا على خير، و إن لم تأت فيه لم تنقص من بلاغته شيئا.

و إذا ولّينا وجوهنا شطر الأدب في بداية القرن الثالث الهجريّ وجدنا العناية بالبديع تكبر، و تصبح الألوان البديعية مقصودة لذاتها بدلا من أن تكون وسيلة، و غدا الأديب أو الشاعر يقتنصها أينما وجدها و يعنى بها أكثر من عنايته بالمعنى، فأخذ يتّجه اتّجاها لفظيّا أكثر من أن يتّجه اتجاها معنويّا، كما هو المقصود من رسالة الأدب عادة.

إلاّ أنّ علم البلاغة، كغيره من العلوم التي نشأت بهدف بيان إعجاز القرآن الكريم و تيسير فهمه للعناصر غير العربية خاصة، أخذ يتطوّر و يتوضّح، حتى صار علما قائما بذاته، يعرف بعلم البلاغة التي تشمل اليوم العلوم الثلاثة: المعاني و البيان و البديع.


[1] أدب المجالسة و حمد اللسان ص 67، 69، 70.

اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست