responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 122

و يبدو أنّ هذا العلم «البلاغة» كان أعسر العلوم، و لكنه كان ألصقها بفهم المعجز من كتاب اللّه العزيز، و المبدع من أدب العرب، و إذا تتبّعنا تطوّره وجدنا أنه بلغ أوجه، أو كاد، في قرون عدة قبل عصر ابن حجّة، و اتّسع كثيرا و تفرّع منه علم بلغ ذروته في عصر ابن حجّة، و هو «علم البديع» ، و لا سيّما عند ما أسهم فيه نظّام البديعيّات و شرّاحها بالإضافة إلى المؤلّفين في البلاغة و العلوم المتّصلة بها.

و لا بدّ من أن نذكر أنّ علوم البلاغة هذه، قد مرّت قبل أن تتوضّح حدودها و تستقرّ مصطلحاتها، بمرحلة كان يطلق فيها على علم البلاغة اسم «علم البديع» الذي هو أحد أنواعها الثلاثة، إذ إنّه لم يعرف كعلم للبديع له تعريفاته و حدوده و تقسيماته و تفريعاته إلاّ بعد صدر الإسلام بقرون. يقول الجاحظ في نشأة البديع و في أوّل من افترعه في كتابه البيان و التبيين: «و من الخطباء الشعراء ممّن كان يجمع الخطابة و الشعر الجيّد و الرسائل الفاخرة مع البيان الحسن: كلثوم بن عمرو العتّابيّ، و كنيته أبو عمرو، و على ألفاظه و حذوه و مثاله في البديع يقول جميع من يتكلّف مثل ذلك من شعراء المولّدين، كنحو منصور النّمريّ، و مسلم بن الوليد الأنصاريّ و أشباههما.

و كان العتّابيّ يحتذي حذو بشّار في البديع، و لم يكن في المولّدين أصوب بديعا من بشّار و ابن هرمة» [1] .

و في قول الجاحظ ما يدلّ على أن «البديع» نشأ في الأدب العربي منذ اختلاط الفكر و الجهود بين العرب و الفرس، و ذلك بدليل اختلاط الأسماء العربية (العتابيّ و النمري و ابن هرمة) مع الأسماء الفارسيّة (بشّار و ابن الوليد) ، و هذا يبيّن أنّ البديع مذهب عباسيّ تضافرت فيه جهود مجموعات مختلفة من الشعراء العرب و الفرس، و إن كان العباسيون يردّونه إلى مصادر عربية خالصة، كما ورد في قول الجاحظ:

«و البديع مقصور على العرب... » [2] .

إلاّ أنّه جاء في العمدة: إنّ مسلم بن الوليد هو أوّل من تكلّف البديع من المولّدين و أخذ نفسه بالصنعة و أكثر منها، و لم يكن في الأشعار المحدثة قبله إلاّ النبذ اليسيرة [3] . و جاء في الأغاني أنّه أوّل من أطلق هذا المصطلح، و وضع مصطلحات


[1] البيان و التبيين 1/51.

[2] البيان و التبيين 4/56.

[3] العمدة 1/229.

اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 122
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست