قبيل الأعذار العقلية لا يستند إلى الشارع حتى يلزم التناقض.
و الفرق أنّ العذر العقلي بعد تبيّن عدم المصادفة يحكم بأنّه خطأ من العقل، و الأحكام المذكورة يحكم بعد تبيّن تخلّفها عن الواقع أنّ الحكم كان كذلك في تلك الحالة و أنّه حكم صحيح وقع في محلّه، إلّا أنّ شأن مثل هذه الأحكام أنّها قد تصيب الواقع و قد تتخلّف عنه.
و حيث لم يتمّ هذا الجواب السادس فلا مناص، إلّا أن نرجع إلى الجواب الخامس و محصّله: أنّا إن قلنا بأنّ الطلب غير الإرادة كما هو الحقّ المحقّق في محلّه و أنه إرادة إنشائية، فلا تناقض بين الحكمين المختلفين بالنسبة إلى شيء واحد شخصي و لو كان متّحد الجهة فضلا عما لو كان متعدّد الجهة، ضرورة إمكان تحقق الإنشاءين غاية الأمر أنه قبيح في غير ما نحن فيه لكونه تكليفا بما لا يطاق، و لا قبح فيما نحن فيه لأنّ أحد الحكمين غير منجّز بالفرض و هو الحكم الواقعي.
و إن قلنا بأنّ الطلب عين الإرادة كما هو مذهب الجماعة فنجيب بأنّ الحكم الظاهري ليس في عرض الحكم الواقعي بل في طوله، و لا منافاة بين كون الشيء حراما مطلقا أريد تركه مطلقا من حيث هو هو و كونه حلالا أريد فعله على تقدير الجهل بحكمه الأولي و كونه مما أخبر العادل بحلّيته، و قد مرّ تنظيره بوجوب ارتكاب أقلّ القبيحين كأكل مال الغير أو الميتة في المخمصة مثلا، فإنّه مبغوض غير مراد الشارع مطلقا حتى في المخمصة، لكن لما عارضه الغرض الأهمّ و هي مصلحة حفظ النفس المحترمة صار محبوبا مرادا للشارع مع بقاء تلك المفسدة و المبغوضية الذاتية، أو نقول: محل الحرمة و المبغوضية طبيعة الفعل من حيث هي، و محلّ الحلية و المحبوبية طبيعة مؤدّى الأمارة، و لا