أول الرسالة عند تعرّض المصنف لذلك، و مرّ أيضا أنّ القدر المسلّم من حكم العقل بوجوب متابعة القطع هو ما لم يردع عنه الشارع، و حينئذ فقد سقط هذا الجواب من أصله.
و الحقّ في الجواب: منع دلالة الأخبار على مدّعاهم كما أشار إليه المصنّف بقوله: و دعوى استفادة ذلك من الأخبار ممنوعة، إلى آخره، و نعم الجواب و له قرائن في نفس تلك الأخبار يطّلع عليها من تصفّحها حقّ التصفّح.
و يمكن أن تكون هذه الأخبار أو بعضها ناظرة إلى عدم جواز الخوض في المسائل العقلية الكلامية على ما كان شائعا في ذلك الزمان أيضا حتى صار ذلك سببا لتشتّت الآراء و اختراع المذاهب الكثيرة من العامة و الخاصّة، كما يعرف ذلك بمراجعة الكتب الموضوعة لتعداد المذاهب المختلفة مثل كتاب الملل و النحل لمحمد الشهرستاني، و كتاب دبستان المذاهب و غيرهما، و يمكن إرادة الأعم من ذلك و مما ذكره المصنف من الردع عن العمل بالقياس و الاستحسان و المصالح المرسلة على ما كان متعارفا في ذلك الزمان.
قوله: مع أنّ ظاهرها ينفي حكومة العقل و لو مع عدم المعارض[1].
(1) هذا إشارة إلى ردّ تفصيل السيد الجزائري و المحدّث البحراني و محصّله:
أنّ إطلاق هذه الأخبار ينفي التفصيل، بل و كذلك تفصيل المحدّث الاسترابادي أيضا، لكنه قد أشار المصنف في أصل السؤال إلى وجه التفصيل و هو الجمع بين الأخبار المانعة عن إصابة دين اللّه بالعقول، و الأخبار الدالة على أنّ العقل حجة من الحجج و أنّ الحكم المستكشف به حكم بلّغه الرسول الباطني، إلّا أنّه قد سبق منّا أنّه لا شاهد لهذا الجمع على تقدير تمامية الدلالة.