و بالجملة: بعد كون الأوامر الصادرة عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) كواشف عن الأوامر الإلهية الموجودة في اللوح المحفوظ، فيكون ظاهر قوله (عليه السلام):
«لا ينقض اليقين بالشكّ»
هو أنّ وظيفة الشاكّ في شيء بعد اليقين به هو البناء العملي على بقاء المتيقّن في زمان الشكّ.
فقد ظهر: أنّ ظاهر لسان اعتبار تلك القواعد و الاصول هو جعل الأحكام على مؤدّياتها، لا الأمر بترتّب الآثار كما استظهره المحقّق العراقي، فمقتضاها على ما ذكرنا عند كشف الخلاف الإجزاء.
و لو سلّم أنّ مؤدّاها ترتيب الآثار- كما استظهره (قدس سره)- و لكن مقتضاه أيضاً عند كشف الخلاف أيضاً الإجزاء على خلاف مزعمته (قدس سره)، يظهر لك ذلك ممّا ذكرناه آنفاً عند ردّ مزعمته (قدس سره)، و لا نحتاج إلى تكراره هنا، و من أراد فليراجع.
فتحصّل ممّا ذكرنا بطوله في مبحث الإجزاء: أنّ مقتضى القاعدة الأوّلية في الإتيان بالفرد الاضطراري عند كشف الخلاف هو الإجزاء على بعض الوجوه، و عدم الإجزاء على بعض آخر، و عدم الإجزاء في الإتيان بالمأمور به على طبق الأمارة لو انكشف الخلاف.
و أمّا لو أتى بمقتضى الاصول و القواعد- سواء كانت اصولًا تنزيلياً أو غير تنزيلي- فالقاعدة الأوّلية الإجزاء؛ سواء كان مفاد اعتبار الاصول الأمر بترتّب الآثار أو جعل الحكم في مرحلة الظاهر.
و لا ينافي ما ذكرنا القول بالإجزاء بعد كشف الخلاف في العمل بالطرق و الأمارات، أو عدم الإجزاء عند ذلك في العمل بالأُصول و القواعد بحسب القواعد الثانوية إن كانت، و البحث عليها يطلب من غير هذا الموضع.