بالأمر الواقعي الاختياري فهو بحث؛ إمّا في حكومة بعض الأدلّة على بعض، أو في تقييد بعض الأدلّة لبعضها الآخر، أو في غير ذلك من أنحاء التصرّف في الأدلّة الاجتهادية. و إمّا في دلالة أدلّة الأحكام الاضطرارية على كون مصالحها تفي عن مصالح الأحكام الواقعية الاختيارية أو لا تفي، و مع دلالتها على وفاء مصالح الأحكام الاضطرارية بمصالح الأحكام الاختيارية ينتهي الأمر إلى القضية المسلّمة التي لا نزاع فيها؛ و هي أنّ الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي أو بما يقوم مقامه، يكون مجزياً.
و أمّا النزاع في إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري عن المأمور به بالأمر الواقعي، فهو في الحقيقة نزاع في دلالة دليل الحكم الظاهري- سواء كان أصلًا أم أمارة- على اشتمال ذلك الحكم على مصلحة تفي بمصلحة الحكم الواقعي، أو لا تبقى مجالًا لاستيفاء ما بقي من مصلحة الحكم الواقعي لو لم تفِ بها.
و على كلّ من أنحاء النزاع المزبورة لا تكون مسألة الإجزاء مسألة عقلية، بل اصولية لفظية، و إن كانت في الأوامر الاضطرارية- على ما بيّنا- أشبه شيء بالمسألة الفقهية، انتهى [1]
. و فيه: أنّه على مقاله (قدس سره) يكون النزاع في مسألة الإجزاء لفظية لا بدّ و أن يكون لبيان أحد أمرين: إمّا بيان ما هو محلّ النزاع بين القوم، أو بيان ما ينبغي البحث فيه، و إن لم يبحثوا فيه.
فإن أراد بقوله الإنصاف ...: أنّ نزاع القوم في مسألة الإجزاء يرجع إلى البحث اللفظي.
ففيه: أنّ مَن لاحظ «الفصول» يرى أنّ صاحب «الفصول» (قدس سره) حكى عن الأكثرين أنّهم تمسّكوا لإجزاء الإتيان بالمأمور به على وجهه عن الأمر الواقعي بوجهين عقليين؛ و هما اللذان أشرنا إليهما آنفاً، و لم يكن في ذلك من دلالة اللفظ عين