و لا أثر. فنزاعهم في أنّ الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي يجزي عن إعادته و إتيانه ثانياً، أم لا؟
هذا بالنسبة إلى الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي. و أمّا إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري عن المأمور به بالأمر الواقعي الاختياري، فكلام حادث بين المتأخّرين بعد ما لم يكن له في كلمات القدماء عين و لا أثر، فكيف يصحّ أن يقال: إنّ محلّ نزاعهم في أمر لفظي؟!
فعلى هذا: لا يمكن استناد كون البحث في مسألة الإجزاء بحثاً لفظياً إلى القوم، بل الذي يصحّ استناده إليهم كون نزاعهم في أمر عقلي كما لا يخفى، فتدبّر.
و إن أراد بقوله الإنصاف: أنّ الذي ينبغي أن يقع النزاع فيه هو ذلك، ففي مقاله مواقع للنظر:
منها: في التفرقة التي ذكرها في الإجزاء بالمأمور به بالأمر الاضطراري و المأمور به بالأمر الظاهري، حيث ذكر وجهين لإجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري: أحدهما التصرّف في الدليل الاجتهادي و الأمر الواقعي الاختياري، و الثاني في دلالة الدليل الاضطراري على وفائه لمصلحة الحكم الواقعي الاختياري. و لم يذكر في إجزاء المأمور به بالأمر الظاهري إلّا الوجه الثاني، مع أنّه يجري فيه الوجهان، فيمكن أن يقال: إنّ الدليل الظاهري منقِّح لموضوع دليل الاجتهادي و مقيّدٌ له.
و بالجملة: لا وجه لذكر وجهين للإجزاء في المأمور به بالأمر الاضطراري و ذكر وجه واحد لإجزاء المأمور به بالأمر الظاهري، فتدبّر.
و منها: أنّ دلالة الدليل على كون متعلّقه مشتملًا على تمام المصلحة أو جُلّها لا تكون بدلالة لفظية- حتّى الالتزامي منها- بداهة أنّه لو كان كذلك لما كان وجه لنزاع الأشاعرة و المعتزلة في ذلك- أي في اللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ- و هل يعقل