الجهة السادسة في دلالة الأمر على المرّة و التكرار [1]
لعلّ وقوع النزاع في الأمر و النهي، دون سائر المشتقّات كالماضي و المضارع؛ لأجل ورودهما في الشريعة المقدّسة مختلفين.
ففي قوله تعالى: «لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ»[2] مثلًا اطلق و اريد منه المرّة، كما أنّه ورد في مثل: «أَقِيمُوا الصَّلاةَ»*[3] و اريد منه التكرار.
فوقع النزاع في أنّه حقيقة في المرّة و مجاز في التكرار، أو بالعكس، أو لا دلالة على شيء منهما؟
تنقيح المقال في ذلك يستدعي البحث في موارد:
المورد الأوّل: في أنّ محلّ النزاع بينهم هل في مادّة الأمر أو هيئته أو فيهما؟
يظهر من صاحب «الفصول» (قدس سره): أنّ النزاع بينهم في هيئة الأمر؛ لأنّه قال: إنّ جماعة- منهم السكّاكي- حكوا إجماعاً عن أهل الأدب على أنّ المصدر المجرّد عن اللام و التنوين يدلّ على نفس الطبيعة؛ فيكون ذلك الإجماع دليلًا على أنّ النزاع في دلالة الأمر على المرّة و التكرار في هيئته، لا في مادّته [4]
. و لكن أشكل عليه المحقّق الخراساني (قدس سره): بأنّ ذلك إنّما يتمّ إذا كان المصدر مادّة
[1]- تاريخ شروع البحث يوم الأحد 14/ ربيع الأوّل 1379 ه. ق.