اسم الکتاب : ثوره الموطئين للمهدي في ضوء أحاديث أهل السنة المؤلف : الفتلاوي، مهدي حمد الجزء : 1 صفحة : 48
الإمام المهدي عليه السّلام لذا يختم بحثه حول مرضى القلوب ببعض الاحاديث النبوية التي تصف الانحرافات العامة في مجتمع آخر الزمان، بعد أن يحاول أن يثبت صحتها بالدليل الإجمالي العام.
و نحن نتفق معه في أن مرضى القلوب في هذه الآية خاصة بجماعة يظهرون في آخر الزمان و هم غير المنافقين في صدر الاسلام، و نؤيد ذلك بدليلين من مضمون الآية:
الأول: قوله تعالى: نَخْشىََ أَنْ تُصِيبَنََا دََائِرَةٌ الدال على خشية مرضى القلوب من سطوة اليهود و النصارى، و الخوف على مصالحهم و وجودهم من سلطانهم و جبروتهم، مما يدعوهم للمسارعة في موالاتهم حفظا لأنفسهم و رعاية لمصالحهم و هذه الحالة لا تنطبق على وضع المنافقين، و لا على وضع اليهود و النصارى في عصر النبوّة، لأن سورة المائدة نزلت في السنة الأخيرة من حياة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم بعد أن كسر شوكة الكفر، و قضى على زعماء الجاهلية و حطم اصنامهم، و شيّد دولة الاسلام و مكّنها سياسيا و اقتصاديا و عسكريا، واضحت قوة عظمى تتحدى الامبراطوريتين الكسروية و القيصرية في معاقلهما. أما اليهود فقد حاصرهم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم-بعد أن نكثوا عهدهم معه، و تحالفوا مع قريش في معركة الاحزاب-و مزقهم شر ممزق و اجلاهم عن ضواحي المدينة ثم كاتب فلولهم على الالتزام بالمحافظة على أمن الدولة الاسلامية، و أن يدفعوا الجزية عن يد و هم صاغرون. و أما نصارى نجران فلم يكن لهم وزن يذكر، و مع ذلك فقد فتح المسلمون نجران سنة عشر هجرية صلحا على الفيء، ثم اخرجوهم من نجران و ابعدوهم الى بلاد الديلم في خلافة عمر [1] . و من يتأمل الآية يشعر بأن لليهود و النصارى نفوذا مشتركا