و من الملاحظ عدم وجود تناسب بين الآية التي تخبر بوجود عدد من المنافقين في المدينة قد تمرسوا على النفاق حتى اصبح حرفة لهم، و مع ذلك كانوا غير معروفين للمؤمنين، و بين الآيات التي تنهى عن قبول اعذارهم و الانفتاح عليهم و الرضى باعمالهم و الصلاة على جنائزهم، فهذه الآيات صريحة في أنهم كانوا معروفين للمؤمنين تمام المعرفة فكيف نستطيع أن نوفق بينها و بين الآية السابقة؟
الظاهر أن الآية التي تخبر عن عدم معرفة المؤمنين للمنافقين في المدينة، نزلت قبل أن يحدد الوحي القواعد السياسية و الايمانية التي تكشف حقيقتهم و تعرف شخصيتهم في قوله تعالى: وَ لَوْ نَشََاءُ لَأَرَيْنََاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمََاهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ اَلْقَوْلِ وَ اَللََّهُ يَعْلَمُ أَعْمََالَكُمْ[4] . فقد روى السيوطي في تفسير هذه الآية عن ابي سعيد الخدري في قوله: وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ اَلْقَوْلِ قال: ببغضهم علي ابن ابي طالب. و عن ابن مسعود، قال: ما كنا نعرف