من الجهل الذي يعيشوه، و إنقاذهم من العشوائية التي يتخبّطون فيها، سواء على الصعيد الفكري، أو على الصعيد السلوكي و العملي، و هذا ما يتمثّل بالشرك و السلوك اللاإنساني و المنحرف الذي كان يمارسه هؤلاء، إذن تعليم الرسول و تربيته و تزكيته في هذه الآية تشمل الجميع بقرينة قوله تعالى: وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. و لكن نفس هذا المربّي و المعلّم عند ما يكون تلاميذه على حدّ تعبير الآية الكريمة أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ فإنّ دروس التّربية و التعليم تكون في قمّة مدارج التعليم و التربية، و في آخر مراحل التربية و التزكية، و لذا لا نجد في هذه الآية عبارة: وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ و إنّما اكتفت الآية بالتطرّق إلى التربية و التعليم بالذات، و هذا هو عين الحقِّ و الصواب. إذ لا يمكننا القول أنّ الرسول (صلى الله عليه و آله) ربّى علياً (عليه السلام) كما ربّى غيره من النّاس العاديين، فهل بمقدورنا أن نقول: إنّ العلم الذي علّمه الرسول (صلى الله عليه و آله) عليّاً (عليه السلام)، علّمه سلمان (رحمه الله) أيضاً؟ و هنا لا بأس من الإشارة إلى الرواية التي ذكرناها في بحث التعادل و الترجيح عن كتاب سليم بن قيس الهلالي، فقد ورد في الفقرة الأخيرة من هذه الرواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: «علّمني رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله) الف باب من العلم، يفتح من كلّ باب ألف باب» [1]. إذن نعود فنقول: هل التعليم الّذي يتلقّاه أمير المؤمنين (عليه السلام) هو نفس التعليم الذي يتلقّاه عامّة النّاس عن الرسول (صلى الله عليه و آله)؟ و هل التربية نفس التربية و التزكية، أو أنّ الرسول (صلى الله عليه و آله) في تعليمه لعلي (عليه السلام) و أهل البيت (عليهم السلام) يعلّمهم آخر مراحل التعليم و التربية و التزكية؟