أمّا بالنسبة إلى التربية و التزكية العامّة فيلاحظ فيها مقتضى حال النّاس و استعدادهم، إذن فتكرار قوله تعالى: يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ في الآية التي تتحدّث عن البعثة العامّة لرسول اللَّه (صلى الله عليه و آله) لا يعني أنّ المقصود من قوله تعالى: أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ هنا هم «المؤمنين» الذين تحدّثت عنهم الآية بقولها: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ... بحيث يكون أفراد أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ هم المسلمين العاديين، كلّا.. إنّما المقصود من الأمّة المسلمة هم جماعة خاصّة لها صلاحيّة الإمامة، و إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام) دعوا اللَّه سبحانه و تعالى لهذه الامّة بالإمامة، كما أنّهما طلبا من اللَّه تعالى أن يرسل فيهم واحداً منهم يكون معلماً و مربياً حتّى على مستوى هذه الامّة المسلمة و التلاميذ المرموقين.
موقعية العترة من الرّسالة
و من هنا نستنتج أن أساس الإمامة بالنّسبة لأئمتنا (عليهم السلام) الذين هم من ذرية إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام) يقع في عرض رسالة رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله) و رسالة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه و آله)(صلوات اللَّه و سلامه عليه)، فكلاهما في دعاء واحد و في زمن واحد دعا به كل من إبراهيم و إسماعيل، و أمّا غيرهم من ذرية إبراهيم و إسماعيل فلم يستحقوا مقام الإمامة. ثمّ إنّ الآية الكريمة: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حيث كلمة «المؤمنين» المحلّاة بالألف و اللام تفيد العموم. فلا فرق في آية: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ بين ذريّة إبراهيم (عليه السلام) و غير ذريّة إبراهيم، تجعلنا نميز الخطّ العامّ لكلّ آية و نفهم الهدف الذي تتوخّاه كلّ آية و نفرق بينهما. فبالنسبة للآية: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يلاحظ فيها جميع المؤمنين، و أمّا بالنسبة للآية التي تتناول دعاء إبراهيم و إسماعيل بحقِّ ذريّتهما فنلاحظ فيها كلمة: مِنْ ذُرِّيَّتِنا. و كما قلنا سابقاً فإنّ ظاهر الآية بقطع