دعاء إبراهيم و إسماعيل (عليه السلام) بحق هؤلاء أن يكونوا اناساً مؤمنين و متديّنين، إذن الهدف أكبر و أهمّ، و هو مسألة الإمامة، فمسألة الإمامة ليست مسألة عامّة يمكن لأيّ شخص أن يتّصف بها، و برأيي أنّ الآية الكريمة رائعة في تعبيرها فما الذي أراد إبراهيم و إسماعيل أن يقولا في هذا الدعاء؟ و يبدو جليّاً من خلال الشواهد و القرائن أنّ إبراهيم (عليه السلام) كان يقصد في دعائه جماعة من بني هاشم، نسمّيهم بعترة الرسول (صلى الله عليه و آله)، فإبراهيم في حال بنائه الكعبة و إحداث عمارة الايمان و تأسيس مركز التوحيد، يدعو لإمامة هؤلاء، و لعلّ السّنخية بين الاثنين [بين الكعبة و الإمامة] أنّ إمامة هؤلاء لها علاقة ببقاء و ديمومة مركز و رمز التوحيد، و لها الدور الأساسي في حفظ الكعبة و بيت اللَّه... إنّ إمامة هؤلاء تعطي للناس المعنى الصحيح للحجّ و المناسك، كما أنّ إمامة هؤلاء لها علاقة وثيقة بالكعبة. إذن يجب أن نلاحظ ظرف الدعاء، لما ذا صدر هذا الدعاء عن إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام) عند بنائها للكعبة؟ فقد كان بامكانهما أن يدعوا بهذا الدعاء في وقت آخر، أمّا في ذلك الوقت بالخصوص و في تلك الظروف الخاصّة، فإنّ مثل هذا الدعاء يشعرنا أنّ هناك ارتباطاً تامّاً و صلةً وثيقة بين إمامة هذه الامّة المسلمة له أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ، و بين الكعبة مركز التوحيد و رمزه، و أنّ الإمامة هي التي بمقدورها أن تحقّق هدف التوحيد بكلّ ما تعنيه هذه الكلمة من معنى و تنجّز الهدف من بناء الكعبة، و قد شاهدنا عن كثب فداحة الخطب، الخطب في المسارات البعيدة عن مسار الإمامة و الأئمّة (عليهم السلام).
المراد من الأب و الذّرية
و بعد أن تقول الآية: وَ أَرِنا مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ