الرَّحِيمُ[1] نلاحظ أن الدعاء يستمر: رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[2] هنا و بعد أن دعوا اللَّه وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ طلبا من ربّ العزّة أن يبعث في هذه الامّة المسلمة، رسولًا يكون منهم، و هناك تأكيد من قبل إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام) على كلمتي: مِنْ ذُرِّيَّتِي، و الآية التي قرأناها سابقاً و التي سنعود إليها فيما بعد بلحاظ حديثنا عن قاعدة لا حرج يقول فيها تعالى: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ. إذن، فهل من الصحيح أن نغضّ الطرف عن كلّ هذه الشواهد، و نقول بأنّ الأب هنا يعني الأب الروحي، و أنّ الذريّة هم الأتباع؟ كما في قول المعلّم لتلميذه:
يا بنيّ، هذا الكلام لا يتناسب مع القرآن الكريم، و هذا الكلام قد نجد له ما يبرّره إذا كنّا غير محتفظين على المعنى الحقيقي للقرآن، أمّا عند ما يرد في الآية السابقة قوله:
مِلَّةَ أَبِيكُمْ و في هذه الآية قوله: مِنْ ذُرِّيَّتِنا و الآية التي تتحدّث عن الإمامة و التي وردت فيها عبارة: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي، فهل يصحّ الإعراض عن كلّ هذه الدلائل؟ إنّنا إذا استطعنا أن نحتفظ بالمعنى الحقيقي لهذه المفردات و أن نهتدي إلى مغزاها خلال المعنى الحقيقي لها سنتوصّل بالتالي إلى الهدف الأساسي الذي يرده القرآن الكريم، بقطع النظر عن الروايات الواردة في تفسير هذه الآيات، و إلّا فمع الاستعانة بالروايات في هذا الباب- و التي سأذكر بعضها فيما بعد إن شاء اللَّه- مضافاً إلى الروايات في المسألة الاخرى لا يبقى هناك أدنى شكّ أو ترديد في المراد من الآيات. و لكن ما اريد قوله أنّه حتى لو لم تكن هناك هذه الروايات، و لو كنّا نحن و ظاهر القرآن، نحن و النصّ، نحن و القرآن الذي يقول عنه العلّامة الطباطبائي (قدس سره):