في المستقبل منصب الإمامة و قيادة المجتمع من بعده. و إلّا لو أردنا تجاوز هذه النقطة إلى مسألة إمامة هذه الامّة المسلمة، تبقى هناك علامة استفهام كبيرة، فما معنى أن يدعو إبراهيم و إسماعيل بهذا الدعاء، و يطلبان من اللَّه عزّ و جلّ هذا الطلب؟ و ما ذا يعني أنّنا ندعو اللَّه تعالى أن يجعل في أبنائنا و أحفادنا أفراداً صالحين و متديّنين؟ و لما ذا لا ندعو بالخير لجميع أبناءنا؟ و لما ذا لم يدعُ إبراهيم لجميع ذريّته؟ إذن، من هنا نتوصّل إلى هذه الحقيقة و في قوله وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا، يعني أنّ الأمر ليس أمراً عامّاً، و لا يمكن أن يشمل جميع أفراد الذريّة، و لا يمكن لجميع الذريّة أن تشترك في هذا الأمر، إذ أنّ الذرية بأجمعها لا يمكن أن تتوفّر فيها مواصفات و شروط الإمامة، فالإمامة أمر خاصّ و محدود بعدّة قليلة ممّن يمكنهم أن يتصدّوا لهذا الأمر، و لذلك جاءت مِنْ الذي مفاده التبعيض. و كذلك في الآية الاخرى التي أجاب فيها اللَّه سبحانه و تعالى على سؤالِ إبراهيم بقوله: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ، فهناك أيضاً طرحت المسألة مشتملة على «من» وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي. و هذا يدلّ على أنّ المسألة مسألة خاصّة، و ليست عامّة، و إلّا لكان الدعاء عامّاً، و هذا ما يوافق مقتضى طبع الإنسان الذي إذا أراد أن يدعو، فإنّه يدعو للجميع. و بناءً على ذلك، كان المفروض أن يكون الدعاء بهذه الصورة «الهي اصلح جميع ابنائنا القريبين و البعيدين و اجعلهم من المتّقين و المتديّنين»، و أمّا قوله: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا، فالظاهر أنّه يستتبع هدفاً خاصّاً، و هذا الهدف الخاصّ هو مسألة الإمامة ليس إلّا، و التي تتناسب مع قوله مُسْلِمَةً لَكَ، و لها علاقة أيضاً بقوله تعالى: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ. مضافاً إلى وجود شواهد اخرى في الآية التالية تؤيّد هذا المعنى، و هو أنَّ إبراهيم (عليه السلام) كان ينظر في هذه الآية إلى جماعة خاصّة من ذريّته، و ليس المقصود من