اسم الکتاب : تعريب موسوعة عاشوراء المؤلف : خليل زامل العصامي الجزء : 1 صفحة : 219
و الشيخوخة منعته مرّة عن الذهاب، و لمّا وصل في المرة اللاحقة بعد عدّة أيّام من المسير على الأرجل و سلّم و صلى صلاة الزيارة رأى في المنام ان الحسين يقول له:
لم جفوتني و كنت لي برّا؟ و هذا يعكس مدى الأهمية التي يوليها الأئمة للزائر مشيا.
(1) قال معاوية بن وهب، و هو من اصحاب الإمام الصادق (عليه السلام): أتيت الإمام الصادق جعفر بن محمد و هو في مصلّاه فجلست حتّى قضى صلاته فسمعته و هو يناجي ربّه و يقول: «اغفر لزوّار قبر أبي الحسين بن علي (صلوات الله عليهما)، الذين انفقوا اموالهم و اشخصوا ابدانهم ... فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس، و ارحم تلك الخدود التي تقلّبت على قبر أبي عبد اللّه، و ارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا. اللّهمّ انّي استودعك تلك الأنفس، و تلك الأبدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش».
و هذه السنّة، سنّة الزيارة مشيا على الأقدام، كانت منذ زمن الأئمة و لا زالت إلى يومنا هذا، و نقل انّ لها ثوابا لا يحصى. قال فاضل الدربندى: «انّ الزيارة مشيا اما ان تكون عن فقر الزائر فهي دليل على عمق الشوق و المحبّة، و اما ان الزائر يرى صغر نفسه أمام شمس العصمة و الشهادة، و يتحمّل في سبيله ألم و متاعب السفر ماشيا، و كلاهما امر جليل» [1].
(2) و في العراق هنالك تقليد شائع منذ سنوات متمادية و هى ان الهيئات و المجاميع و القوافل، صغيرة و كبيرة، تنطلق في ايام خاصّة من البصرة و بغداد، و من النجف على وجه الخصوص متوجهة إلى كربلاء سيرا على الأقدام، و لا سيّما في ايام الزيارة الخاصّة كزيارة النصف من شعبان، و الاول من رجب، و ايام عشرة محرّم و الاربعين حيث تكون اكثر ابهة و رونقا، و يختار اغلب الناس المسير بمحاذاة نهر الفرات الذي تكون فيه المسافة من النجف إلى كربلاء 18 فرسخا، و تستغرق عدّة أيام، و كان يشارك في هذه القوافل السائرة مشيا إلى الزيارة علماء كبار من