ثم تقدم عليّ عليه السّلام فصلّى عليه ثم دفنه بيده المباركة، رحمة اللّه و رضوانه عليه، و طوبى له و حسن مآب.
(1)
الخامس عشر: قيس بن عاصم المنقري
جاء الى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في السنة التاسعة في وفد لبني تميم، فأسلم فقال (صلّى اللّه عليه و آله): هذا سيد أهل الوبر [2].
و كان عاقلا حليما و ورد في التاريخ انّ الأحنف بن قيس المعروف بكثرة الحلم تعلم حلمه منه، فسئل يوما هل رأيت من حلمه اكثر منك؟ قال: نعم، فانّي تعلمت الحلم من قيس بن عاصم المنقري، فقد كنت ذات يوم عنده و هو يتحدث مع رجل، فجاء قوم إليه و معهم اخوه و قد اوثقوه بالحبال، فقالوا: قد قتل الآن ابنك.
فاستمر قيس في حديثه مع الرجل حتى انتهى منه، فالتفت الى ابنه الآخر و قال له: قم يا بني الى عمك فاطلقه و الى اخيك فادفنه، ثم قال: اعط لام المقتول مائة من الابل كي يقلّ حزنها، ثم تحوّل من الجانب الايمن الى الايسر و قال:
انّي امرؤ لا يعتري خلقي * * * دنس يفنّده و لا أفن [3]
(2) و قد تقدم انّه جاء الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) في وفد لبني تميم فأراد من النبي (صلّى اللّه عليه و آله) موعظة نافعة، فقال:
«انّه لا بد لك يا قيس من قرين يدفن معك و هو حيّ و تدفن معه و أنت ميت فان كان كريما اكرمك و ان كان لئيما أسلمك، ثم لا يحشر الّا معك و لا تبعث الّا معه و لا تسأل الّا عنه فلا تجعله الّا صالحا فانّه ان صلح أنست به و ان فسد لا تستوحش الّا منه و هو فعلك».