اسم الکتاب : تعريب منتهى الآمال في تواريخ النبي و الآل المؤلف : الميلاني، السيد هاشم الجزء : 1 صفحة : 247
الفاسقين و لو أعلم اليوم عملا أرضى لك منه لفعلته» [1].
(1) فلما فرغ من الدعاء قال لأصحابه: حاربنا مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أصحاب هذه الرايات التي ترونها في جيش معاوية ثلاث مرّات، و اعلموا انّي سأقتل اليوم فحيلوا أمري الى لطف ربّي، و اعلموا انّ عليا امامنا و مقتدانا و سيخاصم الاشرار غدا لأجلنا.
فلمّا فرغ من الكلام، ركب جواده و هجم على القوم هجمات متتابعة متعاقبة و كان يرتجز في حملاته حتى أثخن فيهم، فاستوحدوه مكانا و ضربه أبو العادية ضربة خارت قواه منها.
فرجع الى اصحابه و طلب منهم شربة ماء، فأقبل غلام له اسمه راشد يحمل شربة من لبن فلمّا رأى القدح و فيه اللبن قال: صدق رسول اللّه.
(2) فلمّا سئل عن علّة كلامه، قال: انّي سمعت خليلي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يقول: انّ آخر زادك من الدنيا شربة لبن، ثم أخذ القدح فشربه و سلّم نفسه الطيّبة لمالك النفوس و ذهب الى عالم البقاء.
فلما بلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السّلام جاء إليه فوضع رأسه في حجره و قال:
الا أيها الموت الذي هو قاصدي * * * أرحني فقد أفنيت كل خليل
ثم قال: «انا للّه و انا إليه راجعون، ان امرأ لم يدخل عليه مصيبة من قتل عمار فما هو من الاسلام في شيء، ثم قال عليّ عليه السّلام: رحم اللّه عمارا يوم يبعث و رحم اللّه عمارا يوم يسأل، فو اللّه لقد رأيت عمار بن ياسر و ما يذكر من اصحاب النبي (صلّى اللّه عليه و آله) ثلاثة الّا كان رابعا و لا أربعة الّا كان خامسا.
(3) انّ عمارا قد وجبت له الجنة في غير موطن و لا موطنين و لا ثلاث، فهنيئا له الجنة فقد قتل مع الحق و الحق معه و لقد كان الحق يدور منه حيث ما دار، فقاتل عمار و سالب عمار و شاتم