الثانية على المراد الجدّيِّ تختصّ بها الجمل التامّة. و سنخ المدلول التصديقيّ الأوّل واحد في جميع الألفاظ، و هو قصد المتكلّم إخطار صورة المعنى في ذهن السامع. و أمّا سنخ المدلول التصديقيّ الثاني أي المراد الجدّيّ فيختلف من جملة تامّة إلى جملة تامّة اخرى. فالجملة الخبريّة مثل (زيد عالم) مدلولها الجدّيّ قصد الإخبار و الحكاية عن النسبة التامّة التي تدلّ عليها هيئتها، و الجملة الاستفهاميّة (هل زيد عالم؟) مدلولها الجدّيّ طلب الفهم و الاطّلاع على وقوع تلك النسبة التامّة، و الجملة الطلبيّة (صلّ) مدلولها الجدّيّ طلب إيقاع النسبة التامّة التي تدلّ عليها هيئة (صَلِّ) أي طلب وقوع الصلاة من المخاطب.
و يختلف في ذلك السيد الاستاذ فإنّه بنى كما عرفنا سابقاً على أنّ الوضع عبارة عن التعهّد، و فرّع عليه أنّ الدلالة اللفظيّة الناشئة من الوضع دلالة تصديقيّة، لا تصوّريّة بحتة، و على هذا الأساس اختار أنّ كلّ جملة تامّة موضوعة بالتعهّد لنفس مدلولها التصديقيّ الجدّيّ مباشرةً، و قد عرفت الحال في مبناه سابقاً.
المقارنة بين الجمل التامّة و الناقصة:
لا شكّ في أنّ المعنى الموضوع له للجملة التامّة يختلف عن المعنى الموضوع له للجملة الناقصة، لأنّ الاولى يصحّ السكوت عليها دون الثانية. و هذا الاختلاف يوجد تفسيران له:
أحدهما: مبنيّ على أنّ المعنى الموضوع له هو المدلول التصديقيّ مباشرةً، كما اختاره السيّد الاستاذ تفريعاً على تفسيره للوضع بالتعهّد، و حاصله: أنّ الجملة التامّة في قولنا: (المفيدُ عالم) موضوعة لقصد الحكاية و الإخبار عن ثبوت المحمول للموضوع، و الجملة الناقصة الوصفيّة في