و مسائل سائر العلوم. مثلا الجهة الجامعة لمسائل علم النحو هي البحث عن كيفيّة آخر الكلمة من المرفوعية و المنصوبية و المجرورية، فهي خصوصية ذاتيّة ثابتة في جميع مسائله و بهذه الجهة تمتاز هذه المسائل عن مسائل سائر العلوم [1].
و فيه: أنّ ما ذكر صحيح بالإضافة إلى العلوم الأدبية، حيث إنّ الموضوع في كلّها هو الكلمة أو هي مع الكلام و ينحصر وجه الامتياز بينها بجامع المحمولات.
أمّا لو قايسنا النحو بعلم الطب أو الهندسة أو الحساب مثلا فسوف نرى إمكان التفكيك بينها و بين النحو باختلاف الموضوع، إذ الموضوع في النحو مثلا هو الكلمة، و موضوع علم الطبّ بدن الإنسان، و موضوع الهندسة الكمّ المتّصل، و موضوع الحساب العدد (الكمّ المنفصل) فكما يصلح جامع المحمولات للمائزية يصلح جامع الموضوعات أيضا للمائزية، غير أنّ بعض العلوم حيث يشترك موضوعها فالميّز بينها منحصر في جامع المحمول.
و الصحيح كما ذكرنا أنّ ملاك التمايز للمتعلّم أحد امور ثلاثة على سبيل منع الخلوّ. و أمّا في مقام تأسيس العلوم فأوّل ميز يوجد هو الغرض الداعي إلى التدوين الموجب لانتخاب موضوع و البحث حوله. و في الرتبة الثانية يكون الميز بذلك الموضوع، لعدم جواز التعدّي عن عوارضه الذاتية على ما قالوا و بنوا عليه، لأنّ كلّ موضوع إنّما يفسح المجال لطرح عدّة من العوارض، و هي التي تكون ذاتيّة لذلك الموضوع.
هذا إن قلنا باعتبار ذلك، و إلّا فالمتّبع بيان كلّ عارض له دخل في ترتّب الغرض سواء كان ذاتيا أو غريبا، بل قد ننكر لزوم ذلك رأسا و نسمح بطرح كلّ مسألة لها دخل في الغرض و إن لم تكن سنخيّة بين تلك المسائل موضوعا و محمولا.