الاختلاف لا يكاد يجدى مصححا للقول بالجواز عند القائل به، لحكاية الصورتين عن منشإ واحد متحد الذات متغاير المفهوم.
و منها ما يكون اختلافها بحسب الاعتبار و اللحاظ كاعتبار الشىء الواحد لا بشرط او بشرط لا، فان اعتبر لا بشرط كان ذلك من قبيل الجنس و الفصل يصح حملهما على ذلك الشىء و ان اعتبر بشرط لا كان ذلك من قبيل الهيولى و الصورة، فيمتنع حملهما على ذلك الشىء.
و توضيح المقال بأن يقال: ان اللحاظ اذا تعلق بقطعة من الذات فان اعتبرت متباينة للقطعة الآخر منها كانت القطعتان متباينتى اللحاظ و امتنع بذلك الحمل، فلا يجوز حمل كل منهما على مجموع الذات و لا حمل احدهما على الآخر، و اذا تعلق بها باعتبار ما لها من الجهة المشتركة بينهما و بين صاحبها من الذاتية، كانت بعينها الكل فكان يجوز حمل كل من الملحوظين على الآخر كما يجوز حمل كل منهما على تمام الذات، فكأنك لاحظت الذات بتمامها من ناحية جزئها، فكانت الذات بهذه الملاحظة متحدة مع جزئها فساغ الحمل بهذا الاعتبار، و مثل هذا الاختلاف كالاختلاف بالنحو المتقدم، ليس إلّا اختلاف اعتبارى مفهومى لا يجدى القول بالجواز، اذ لا يكون إلّا حاكيا عن منشإ واحد لا اختلاف فيه اصلا كما لا يخفى.
و منها ما يكون اختلافها اختلافا بالمنشإ إلّا ان الجهتين لا يجوز اعتبارهما جهتين تقييديين كى يصلحان لورود الحكمين عليهما لكونهما من الصفات الاعتبارية التى لا واقع لها الا بمنشإ انتزاعها كالملكية و الزوجية، فلو امر بإيجاد مملوك زيد و نهى عن ايجاد زوج هند لم يكن مثل هذا التغاير بين العنوانين يجدى مصححا للقول بالجواز، ضرورة انه لا تصلح الزوجية و لا الملكية لتعلق الحكمين عليهما بنحو تعلقهما بسائر الطبائع المقررة فى نفس الامر و الواقع