اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي الجزء : 20 صفحة : 403
قال أَبو زَيْدٍ: التاءُ فيها صِلَةٌ، و العَرَبُ تَصِلُ هذه التَّاء في كَلامِها و تَنْزِعُها؛ و الأصْلُ فيها لا ، و المَعْنى لَيْسَ، و يقولون: ما أَسْتَطِيعُ و ما أَسْطِيعُ، و يقولون ثُمَّتَ في مَوْضِع ثُمَّ، و رُبَّتَ في موضِع رُبَّ، و يا وَيْلَتنا و يا وَيْلنا.
و ذَكَرَ أَبو الهَيْثم عن نَصيرِ [1] الرَّازِي أنَّه قالَ في قولِهم: لاتَ هَنّا أَي ليسَ حينَ ذلكَ، و إنَّما هو لا هَنَّا فأَنَّثَ لا فقيلَ لاَةَ ثم أُضِيفَ فتحوَّلَت الهاءُ تاءً، كما أَنَّثُوا رُبَّ رُبَّتَ و ثُمَّ ثُمَّتَ، قالَ: و هذا قولُ الكِسائي: و يُنْصَبُ بها لأنَّها في مَعْنى ليسَ؛ و أَنْشَدَ الفرَّاء:
تَذَكَّر حُبَّ لَيْلى ليت لاتَ حِينا
قالَ: و مِن العَرَبِ مَنْ يَخْفِضُ بلاتَ، و أَنْشَدَ:
و نقلَ شَمِرٌ الإجْماعَ مِن البَصْرِيِّين و الكُوفيِّين أَنَّ هذه التَّاءَ هاءٌ وُصِلَتْ بِلا لغَيْرِ مَعْنًى حادِثٍ.
و تأْتي لا بمَعْنى ليسَ؛ و منه حديثُ العَزْل عن النِّساءِ فقال: « لا عَلَيْكم أَنْ لا تَفْعَلُوا، أَي ليسَ عَلَيْكم» .
و قال ابنُ الأعْرابي: لوي لاوَى فلانٌ فلاناً: إذا خالَفَهُ.
و قال الفرَّاءُ: لوي لاوَيْتُ قُلْت لا .
قال ابنُ الأعْرابي: يقالُ لَوْلَيْتُ بهذا المَعْنى.
*قُلْت: و منه قولُ العامَّة: إنَّ اللََّه لا يُحبُّ العَبْدَ لوي اللاَّوي أَي الذي يُكْثرُ قَوْلَ لا في كِلامِه.
قال اللّيْث: و قد يُرْدَفُ أَلا بِلا فيُقال أَلا لا ؛ و أَنْشَدَ:
فقامَ يذُودُ الناسَ عنها بسَيْفِه # و قال أَلا لا مِن سَبِيلٍ إلى هِنْدٍ [3]
و يقالُ للرَّجُلِ: هل كانَ كذا و كذا؟فيُقالُ: أَلا لا ، جعلَ أَلا تَنْبِيهاً و لا نَفْياً؛ و أَمَّا قولُ الكُمَيْت:
كَلا و كَذا تَغْمِيضةً ثم هِجْتُمْ # لَدَى حين أَنْ كانُوا إلى النَّوْمِ أَفْقَرا [4]
فيقولُ: كأَنَّ نَوْمَهم في القلَّةِ كقولِ القائِلِ لا و ذا، و العَرَبُ إذا أَرادُوا تَقْلِيلَ مُدَّة فِعْلٍ أَو ظُهورِ شيءٍ خَفِيٍ قالوا: كانَ فِعْلُه كَلا، و رُبَّما كَرَّرُوا فقالوا: كَلا و لا؛ و مِنَ الأوَّل قولُ ذي الرُّمّة:
أَصابَ خَصاصَةً فبَدا كَليلاً # كَلا و انْفَلَّ سائِرُه انْفِلالا
و مِن الثاني قولُ الآخرِ:
يكونُ نُزولُ القَوْمِ فيها كَلا و لا
و مِن سَجَعاتِ الحَرِيرِي: فلم يَكُنْ إلاَّ كَلا و لا ، إشارَة إلى تَقْلِيلِ المدَّةِ و منهَا في الحمصيةِ بُورِكَ فيك مِن طَلا كما بُورِكَ في لا و لا ، إشارَة إلى قولهِ تعالى: لاََ شَرْقِيَّةٍ وَ لاََ غَرْبِيَّةٍ[5] .
و يقولون: إمّا نَعَم مُرِيحَة و إمَّا لا مُرِيحَة، و يقولون: لا إحْدَى الرَّاحَتَيْن، و في قولِ الأبوصيري [6] يَمْدَحُ النَّبيَّ صلّى اللّه عليه و سلّم:
نَبِيِّنا الآمِرُ الناهِي فلا أَحَد # أَبَرّ في قوْلِ لا منه و لا نَعَم