و لكِنْ رَجَوْنا مِنْكَ مِثْلَ الذي به # صُرِفْنا قَدِيماً مِن ذَوِيكَ الأوائِلِ
و قال آخرُ:
إنَّما يَصْطَنِعُ المَعْ # روفَ في الناسِ ذَوُوهُ
و يقالُ: جاءَ مِن ذِي نفْسِه، و مِن ذاتِ نفْسِه، أَي طَبْعاً ، كذا في النسخِ و الصَّوابُ أي طَيِّعاً كسَيِّدٍ.
و تكونُ [2] ذُو بمعْنَى الذي ، في لغةِ طيِّىءٍ خاصَّةً، تُصاغُ ليُتَوَصَّلَ بها إلى وصفِ المَعارِفِ بالجُمَلِ، فتكونُ ناقِصةً لا يَظْهَرُ فيها إعْرابٌ كما لا يَظْهَرُ في الذي، و لا تُثَنَّى و لا تُجْمَعُ، تقولُ أَتانِي ذُو قالَ ذلك ، و ذُو قالا ذلكَ، و ذُو قالوا ذلكَ.
و في الصِّحاح: و أَمَّا ذُو التي في لُغةِ طيِّىء فحقُّها أَنْ تُوصَفَ بها المَعارِفُ تقولُ أنا ذُو عَرَفْت، و ذُو سَمِعْت، و هذه امْرأَةٌ ذُو قالت كذا، فيَسْتوِي فيه التَّثْنِيةُ و الجَمْع و التَّأْنيثُ؛ قال الشاعرُ، و هو بُجَيْرُ بنُ عَثْمةَ الطائِي أَحَدُ بَني بَوْلانَ:
و إنَّ مَوْلايَ ذُو يُعاتِبْني # لا إحْنةٌ عِنْدَه و لا جَرَمَهْ
ذاكَ خَلِيلي و ذُو يُعاتِبُني # يَرْمي ورائِي بامْسَهْم و امْسَلِمَهْ [3]
يريدُ الذي يُعاتِبُني، و الواو التي قبْله زائِدَةً، و أرادَ بالسهم و السلمة؛ و أنْشَدَ الفرَّاء لبعضِ طيِّىءٍ:
فإنَّ الماءَ ماءُ أَبي و جَدّي # و بِئْري ذُو حَفَرْتُ و ذو طَوَيْتُ
و قالوا: لا أَفْعَلُ ذلكَ بذِي تَسْلَمَ و بذِي تَسْلَمانِ و بذِي تَسْلَمونَ و بذِي تَسْلَمين، و هو كالمَثَل أُضِيفت فيه ذُو إلى الجُمْلةِ كما أُضِيفت إليها أَسْماءُ الزَّمان، و المَعْنَى: لا و سَلامَتِكَ ما كانَ كذا و كذا، أَولاً و الذي يُسَلِّمُكَ. و نَصّ ابنِ السِّكيت: و لا و اللََّه يُسَلِّمَكَ ما كانَ كذا و كذا، و هو في نوادِرِ أَبي زيْدٍ و ذَكَرَه المبرِّدُ و غيرْهُ.
*و ممَّا يُسْتدركُ عليه:
قولُهم: ذاتَ مَرَّةٍ و ذاتَ صَباحٍ. قالَ الجَوْهرِي: هو مِن ظُروفِ الزَّمانِ التي لا تَتَمكَّن، تقولُ: لَقِيته ذاتَ يومٍ و ذاتَ لَيْلةٍ و ذاتَ غَداةٍ و ذاتَ العِشاءِ و ذاتَ مَرَّةٍ و ذاتَ الزُّمَيْنِ و ذاتَ العُوَيْمِ و ذا صَباحٍ و ذَا مَساءٍ و ذَا صَبُوحٍ و ذَا غَبُوقٍ، هذه الأربعةُ بغيرِ هاءٍ، و إنَّما سُمِع في هذه الأَوْقاتِ و لم يقولوا ذاتَ شَهْرٍ و لا ذاتَ سَنَةٍ، انتَهَى.
و قال ثَعْلَب: أَتَيْتُكَ ذاتَ العِشاءِ أَرادَ الساعَةَ التي فيها العِشاء. و رَوَى عن ابنِ الأَعْرابي: أَتَيْتُكَ ذاتَ الصَّبُوحِ و ذاتَ الغَبُوقِ إذا أَتَيْته غُدْوةً أَو عَشِيَّةً، و أَتَيْتهم ذاتَ الزُّمَيْنِ و ذاتَ العُوَيْمِ، أَي مُذْ ثلاثَةِ أَزْمانٍ و ثَلاثَة أَعْوامٍ.
و الإضافَةُ إلى ذُو ذَوِّيِّ ، و لا يجوزُ في ذات ذاتِيٌّ لأنَّ ياءَ النَّسَبِ مُعاقَبةٌ لهاءِ التّأْنيثِ.
و لَقِيته ذاتَ يَدَيْن: أَي أَوَّل كلّ شيءٍ، و قالوا: أَمَّا أوّل ذاتَ يَدَيْنِ فإنِّي أَحمدُ اللََّه.
و الذَّوُونَ : الأَذْواءُ ، و هُم تَبابعةُ [4] اليَمَنِ: و أنْشَدَ سيبويه للكُمَيْت:
فلا أَعْني بذلِكَ أَسْفليكُمْ # و لكِنِّي أُرِيدُ به الذَّوينا [5]
[3] البيتان في اللسان، و الثاني في الصحاح و مغني اللبيب الشاهد 68 و فيه «و ذو يواصلني» بدل «و ذو يعاتبني» ، و التكملة نقلاً عن الجوهري، قال و الإنشاد مداخل و الرواية:
و إن مولاي ذو يعيرني # لا إحنة عنده و لا جرمه
ينصرني عليك غير معتذر # يرمي..
و الشعر لبجير بن عَنَمة الطائي.
[4] عن اللسان و بالأصل «تتابعة» ، و هم ملوك اليمن من قضاعة.