responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي    الجزء : 20  صفحة : 388

و منه قوله تعالى: ذَوََاتََا أَفْنََانٍ [1] ؛ ج ذَواتُ . و قال الجَوْهرِي: و أَمَّا ذُو الذي بمعْنَى صاحِبٍ فلا يكونُ إلاَّ مُضافاً، فإنْ وَصَفْتَ به نَكِرةً أَضَفْته إلى نَكِرةٍ، و إن وَصَفْتَ به مَعْرفةً أَضَفْتَه إلى الألفِ و اللامِ، و لا يجوزُ أن تُضِيفَه إلى مُضْمَر و لا إلى عَلَمٍ كزَيْدٍ و عَمْرٍو و ما أَشْبَههما، تقولُ: مَرَرْتُ برجُلٍ ذِي مالٍ و بامرأَةً ذاتِ مالٍ، و برَجُلَيْن ذَوَيْ مالٍ، بفَتْح الواو، كما قال تعالى:

وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [2] و برِجالٍ ذَوِي مالٍ، بالكسر، و بِنْسوةٍ ذاتِ مالٍ، و يا ذواتِ الجِمامِ، يُكْسَرُ التاءُ في الجَمْع في مَوْضِع النَّصْبِ كما تُكْسَرُ تاءُ المُسْلماتِ، تقولُ: رأَيْتُ ذواتِ مالٍ لأنَّ أَصْلَها هاءٌ لأنَّك لو وقفْتَ عليها في الواحدِ لقلْتَ ذاهْ ، بالهاء، و لكنَّها لمَّا وُصِلَتْ بما بَعْدَها صارَتْ تاءً، و أَصْلُ ذُو ذَوًا مِثْالُ عَصاً، يدلُّ على ذلكَ قولهم هاتانِ ذَواتَا مالٍ، قال اللََّه تعالى: ذَوََاتََا أَفْنََانٍ ، في التَّثْنيةِ و نَرَى أنَّ الألفَ مُنْقلبَةٌ، مِن واوٍ.

قال ابنُ برِّي: صوابُه مِن ياءٍ.

ثم حُذِفَتْ مِن ذَوًى عينُ الفِعْلِ لكَراهَتِهم اجْتِماع الواوَيْنِ لأنَّه كان يلْزمُ في التَّثْنيةِ ذَوَوانِ مثْلُ عَصَوانِ، فبَقي ذَا مُنوَّناً، ثم ذَهَبَ التّنْوينُ للإضافَةِ في قولك: ذُو مالٍ، و الإضافَةُ لازِمَةٌ له؛ و لَوْ سَمَّيْت رجُلاً ذُو لقلْتَ:

هذا ذوًا قد أَقْبَلَ، فتردُّ ما ذَهَبَ لأنه لا يكونُ اسمٌ على حَرْفَيْن أَحَدُهما حَرْفُ لِينٍ لأنَّ التَّنوينَ يَذْهبُه فيَبْقى على حَرْفٍ واحدٍ، و لو نَسَبْتَ إليه لقلْتَ: ذَوَوِيٌّ كعَصَوِيٍّ، و كَذلكَ إذا نَسَبْتَ إلى ذات لأنَّ التاءَ تُحْذَفُ في النِّسْبَةِ، فكأنَّكَ أَضَفْتَ إلى ذِي فرَدَدْت الواو، و لو جمعْتَ ذُو مالٍ لقلْتَ: هَؤُلاء ذَوُونَ لأنَّ الإضافَةَ قد زَالَتْ؛ هذا كُلُّه كَلامُ الجَوْهري.

قال ابنُ برِّي عنْدَ قولِ الجَوْهرِي يلزمُ في التَّثْنيةِ ذَوَوانِ : صوابُه ذَويانِ ، لأنَّ عَيْنَه واوٌ، و ما كانَ عَيْنُه واواً فلامُه ياءً حملاً على الأكْثَر، و المَحْذُوفُ مِن ذَوًى هولامُ الكَلِمةِ لا عَيْنُها كما ذكَر، لأنَّ الحذْفَ في اللامِ أَكْثَر مِن الحذْفِ في العَيْنِ، انتَهَى.

و قال اللّيْث: الذَّوُونَ هُم الأَدْنَوْنَ الأَخَصَّونَ؛ و أنْشَدَ للكُمَيْت:

و قد عَرَفَتْ مَوالِيَها الذَّوِينا [3]

و قولهُ تعالى: فَاتَّقُوا اَللََّهَ وَ أَصْلِحُوا ذََاتَ بَيْنِكُمْ‌ [4] .

قال الزجَّاج: أَي حَقِيقَةَ وَصْلكُمْ‌ ، أَي و كونُوا مُجْتَمِعِين على أمْرِ اللََّه و رَسُولِه.

قال الجَوْهرِي: قالَ الأخْفَش في تَفْسيرِ الآيةِ: و إنَّما أَنَّثُوا ذاتَ لأن بعضَ الأشياء قد يوضعُ له اسمٌ مُؤَنَّثٌ و لِبَعْضِها اسم مُذَكَّرٌ لما قالوا دارٌ و حائِطٌ أنَّثوا الدَّارَ و ذَكَّروا الحائِطَ أو ذات البَيْنِ: الحالُ التي بها يَجْتَمِعُ المُسْلِمُونَ‌ ؛ و به فَسَّر ثَعْلبُ الآيَةَ؛ و كَذلكَ 16- الحديثُ :

«اللهُمَّ أَصْلِح ذاتَ البَيْنِ» .

و قال ابنُ جنِّي: و رَوَى أَحمدُ بنُ إبراهيم أستاذُ ثَعْلب عن العَرَبِ: هذا ذُو زَيْدٍ ، و مَعْناهُ هذا زَيْدٌ، أَي هذا صاحِبُ هذا الاسم‌ الذي هو زَيْد، قال الكُمَيْت:

إليكُم ذَوِي آلِ النبيِّ تَطَلَّعَتْ # نَوازعُ قَلْبي مِن ظِماءٍ و أَلْبُبُ‌ [5]

أَي إليْكُم يا أَصْحاب هذا الاسْمِ الذطي هو قولهُ ذَوُو آلِ النبيِّ، انتَهَى.

قلْتُ: و هو مُخالِفٌ لمَا نقَلْناه عن الجَوْهرِي آنِفاً، و لا يجوزُ أَن تُضِيفَه إلى مُضْمَر و لا إلى عَلَمٍ كزَيْدٍ و عَمْرٍو و ما أَشْبههما فتأَمّل ذلكَ، مع أنَّ ابن برِّي قد نازَعَه في ذلكَ فقالَ: إذا خَرَجَتْ ذُو عن أَن تكونُ وُصْلةً إلى الوَصْفِ بأسْماءِ الأجْناسِ لم يَمْتَنِع أَنْ تَدْخلَ على الأعْلامِ و المُضْمَراتِ كقولهم: ذُو الخلَصَةِ، و الخَلَصَةُ اسْمُ عَلَمٍ لصَنَمٍ، و ذُو كِنايةٌ عن بيتِه، و مثْلُه قولُهم: ذُو رُعَيْنٍ و ذُو جَدَنٍ و ذُو يَزَنٍ، و هذه كلُّها أَعْلامٌ، و كَذلكَ دَخَلَتْ على المُضْمَرِ أَيْضاً؛ قال كعبُ بنُ زهيرٍ:


[1] سورة الرحمن، الآية 48.

[2] سورة الطلاق، الآية 2.

[3] اللسان و التهذيب.

[4] سورة الأنفال، الآية الأولى.

[5] اللسان و التكملة و التهذيب 15/46 «ذا» .

اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي    الجزء : 20  صفحة : 388
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست