اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي الجزء : 11 صفحة : 373
القِشْعَةِ ، بمَعْنَى النُّخَامَةِ، نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ، و قد سَقَط الواوَ من نُسَخِ المُصَنِّفِ سَهْوًا من النُّسَّاخِ، بِدَلِيلِ ما سَيَأْتِي من المَعْطُوفَاتِ عليه، زادَ اللَّيْثُ: و رُبَّمَا اتُّخِذَ من جُلودِ الإِبِل صِوَاناً للمَتَاعِ، و زادَ الجَوْهَرِي: فإِنْ كَانَ من أَدَمٍ فهُوَ الطِّرَافُ، و أَنْشَدَ لمُتَمِّمِ بنِ نُوَيْرَة-رَضِيَ اللََّه عنه-يَرْثِي أَخاهُ مالِكاً:
و لا بَرَمٍ تُهْدِي النِّسَاءُ لِعِرْسِهِ # إِذَا القَشْعُ من بَرْدِ الشَّتَاءِ تَقَعْقَعَا [1]
زادَ الصاغَانِيُّ: و يُرْوَى: «مِنْ حسِّ الشِّتَاءِ» و ذََلِك أَنه إِذا ضَرَبَتْه الرِّيحُ و البَرْدُ تَقَبَّضَ، فإِذا حُرِّك تَقَعْقَعَت أَثْناؤُه، أَي نَوَاحِيه.
و قال ابنُ المُبَارَكِ: القَشْعُ : النِّطَعُ نفسُه، أَو قِطْعَةٌ من نِطَعٍ خَلَقٍ.و قِيلَ: هي القِرْبَةُ اليابِسَةُ ، هََكذا في سائِرِ النُّسَخ، و الصَّوابُ: «البالِيَةُ» كما في العُبَابِ و اللِّسانِ. و جَمْعُ [2] كُلِّ ذََلِك قُشُوعٌ . و بكُلٍّ من النِّطَعِ أَو القِطْعَةِ منه، و القِرْبَةِ فُسِّر 14- الحَدِيثُ : «لا أَعْرِفَنَّ أَحْدَكُم يَحْمِلُ قَشْعاً من أَدَمٍ، فيُنادِي يا مُحَمّدُ، فأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لكَ من اللََّه شَيْئاً، قد بَلَّغْتُ» .
يَعْنِي نِطَعاً، أَو قِطْعَةً من أَدِيمٍ، قالَهُ الهَرَوِيُّ فِي الغُلُولِ، و قالَ ابنُ الأَثِيرِ: أَرادَ القِرْبَةَ البَالِيَةَ، و هو إِشارَةٌ إِلى الخِيَانَةِ في الغَنِيمَةِ، أَو غَيْرِهَا من الأَعْمَالِ.
و قالَ الأَزْهَرِيُّ: القَشْعُ الَّذِي فِي بَيْتِ مُتَمِّمٍ السَّابِقِ هُو الرَّجُلُ المُنْقَشِعُ لَحْمَهُ عنه كِبَرًا ، فالبَرْدُ يُؤْذِيه و يَضُرُّه، و هي بهاءٍ ، و أَنْشَدَ اللَّيْثُ:
قولُه: مَبْنَاهَا، أَي حَيْثُ تَنْبُتُ [3] القَشْعَةُ ، و الاجْتِوَاءُ: أَن لا يُوَافِقَك المَكَانُ و لا ماؤُه، قالَه رَجُلٌ ماتَ في البادِيَةِ، فأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ فِي مَكانِه، و لا يُنْقَل عنه. و القَشْعُ : الحِرْبَاءُ ، قالَ:
و بَلْدَةٍ مُغْبَرَّةِ المَناكِبِ # القَشْعُ فيها أَخْضَرُ الغَبَاغِبِ
و القَشْعُ : السَّحَابُ الذَّاهِبُ المُنْقَشِعُ عن وَجْهِ السَّمَاءِ، و يُكْسَرُ ، و القَطْعَةُ منه قَشْعَةٌ ، و قِشْعَةٌ ، و يَذْكُره المُصنِّفُ قَرِيباً.
و قالَ ابنُ عَبّادٍ: القَشْعُ : الزِّنْبِيلُ[4] .
و أَيْضاً: مَا جَمَدَ مِنَ الماءِ رَقِيقاً على شَيْءٍ.و نَقَلَ الأَزْهَرِيُّ عن بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ: القَشْعُ : مَا تَقَلَّفَ من يَابِسِ الطِّين إِذا نَشَّتِ الغُدْرَانُ و جَفَّتْ [5] ، و القِطْعَةُ منه قَشْعَةٌ ، و الجَمْعُ: قِشَعٌ ، كبَدْرَةٍ و بِدَرٍ، و به فُسِّرَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ السّابِقُ، فيمن رَوَاهُ بكَسْرِ القافِ و فَتْحِ الشِّينِ، أَي لَرَمَيْتُمُونِي بالحَجَرِ و المَدَرِ، نَقَلَه ابنُ الأَثِيرِ.
و القَشْعُ أَيْضاً: ما تَقْشَعُ أَي تَقْلَعُ مِنْ وَجْهِ الأَرْضِ بِيَدِكَ من رُسَابَةِ الطِّينِ و غَيْرِهَا، ثُمّ تَرْمِي بِه ، و هُو قَرِيبٌ من الأَوّلِ.
و قِيلَ: القَشْعُ : الجِلْدُ اليابِسُ ج: كعِنَبٍ ، نَقَلَه الأَصْمَعِيُّ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: و هو عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ لأَنَّ قِياسَه قَشْعَةٌ و قِشَعٌ ، مثل: بَدْرَةٍ و بِدَرٍ، إِلاّ أَنَّهُ هََكَذَا يُقَال، و به فَسَّرَ الجَوْهَرِيُّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ السابقَ، و المَعْنَى:
لَرَمَيْتُمونِي بالجُلُودِ اليابِسَةِ. و يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بها الدِّرَّةُ أَو السَّوْطُ، و يُرْوَى الحَدِيثُ أَيضاً بالإِفْرادِ، أَي لرَمَيْتُمُونِي بالجِلْدِ اليابِسِ، إِنْكَارًا عَلَيَّ، و تَهَاوُناً بِي، فظَهَر مِمّا تَقَدَّمَ أَنَّ الحَدِيثَ قد فُسِّر على خَمْسَةِ أَوْجُهٍ، ذَكَر أَحَدَها الجَوْهَرِيُّ و ذَكَرَ المُصَنِّفُ الأَرْبَعَةَ نَقْلاً عن العُباب و النِّهَايَةِ و غيرِهما، و تَفْصِيلُ ذََلِك: فمن رَوَاه بالفَتْح فبمَعْنَى الأَحْمَق، و النُخَامَة، و الجِلْد، و يابِسِ الطِّينِ، و من رَوَاهُ بالكَسْرِ فبمَعْنَى البُزاقِ، و من رَواهُ بِكَسْرٍ ففَتْحٍ، فبمَعْنَى النُّخَامَةِ على أَنَّهُ جَمْعُ قِشْعَةٍ بالكَسْرِ، أَو الجُلُودِ اليابِسَة، و عِنْدَ التَّأَمُّلِ فِيمَا ذَكَرْنا يَظْهَرُ لك الزِّيادَةُ.
[1] في اللسان و الصحاح «و لا برماً» و المثبت موافقاً للتهذيب و الكامل للمبرد 3/1440.