و أمّا إذا تردد الأمر في أنّه استعمل على النحو الأوّل أو الثاني؟
فالظاهر أنّ ذلك يفهم من ملاحظة كيفية المحاورة و من تعابيرهم في بيان المقاصد و المرادات.
و يمكن أن يقال: إنّ الأصل بعد ما علم المعنى الموضوع له حمله على الاستعمال في المعنى الحقيقي، إلّا إذا ثبت خلافه بوجه من الوجوه، و إن كان ذلك لصيرورة المعنى المجازي أشهر أو مساويا في الاستعمالات مع المعنى الحقيقي، فحينئذ يستفاد ذلك من التأمل في المحاورات.
و أمّا إن كان الشك في المعنى المراد من جهة الشك في المعنى المجازي و الحقيقي، لا من جهة أنّ المتكلم استعمله في المعنى المجازي أو الحقيقي المعلومين عند الطرفين، حتى يقال: الأصل أو الظاهر استعماله في المعنى الحقيقي، بل الشك في أنّه أىّ واحد من المعنيين حقيقي لكي يحمل اللفظ عليه، و أىّ واحد منهما مجازي حتى لا يحمل عليه؟ فهنا يرجع إلى علائم الحقيقة و المجاز.
فمنها: التبادر
و المعروف أنّه علامة اختصاص اللفظ بالمعنى- تعيينا أو تعيّنا- و بعبارة اخرى: تبادر المعنى من اللفظ و دلالته عليه و انسباقه إلى الذهن علامة الحقيقة و اختصاص اللفظ بالمعنى.
لكن الظاهر أنّ التبادر عين الوضع لا أنّه علامة عليه؛ إذ هو نفس دلالة اللفظ على المعنى، لأنّ المراد من الوضع ليس خصوص التعييني