و لا يصح أن يكون ذلك من باب الوضع العام و الموضوع له الخاص؛ إذ أنّ ذلك يصح إذا لوحظ معنى كليا و وضع اللفظ بإزاء كل فرد من أفراده، بخلاف ما إذا لوحظ معنى كليا مقيّدا بقيد لا يتحقق معه إلّا في الذهن و وضع له اللفظ، فلا يصح استعمال هذا اللفظ في المعنى الخالص من القيد إلّا مجازا، بل لا يصح وضع اللفظ لأفراد ذلك الكلي خالصا من هذا القيد، فإنّه من وضع اللفظ لغير ما لوحظ من المعنى.
اللّهم إلّا أن يقال: إنّ هذا ليس إلّا من ملاحظة المعنى الكلي الخالص من قيد كونه مرادا و وضع اللفظ للمعنى الكلي أو لأفراده.
و بالجملة: لا يتصور لوضع اللفظ للمعنى بما هو مراد المتكلم فائدة عقلائية، بل أنّ ذلك ينافي حكمة الوضع. هذا مضافا إلى غير ذلك ممّا يترتب عليه من المفاسد.
و من ذلك يعلم: أنّ ما حكي عن المحقق الطوسي و ابن سينا [1] من أنّهما ذهبا إلى «كون الألفاظ موضوعة لمعانيها بما هي مرادة» ليس في محلّه، و لا يصح أن ينسب إلى مثلهما [2].
[1] راجع الشفاء، قسم المنطق، الفصل الثامن من المقالة الاولى من الفن الأوّل، ص 42؛ شرح الإشارات 1: 32.
و الحاكي عنهما صاحب الفصول في فصوله: 17.
و حمل صاحب الكفاية (1: 22) كلامهما على الدلالة التصديقيّة، فراجع.
[2]. و قد حكى شريكنا في البحث العلّامة البارع (رحمه اللّه) في تقريراته الموسومة ب «الحجّة في-