الأمر الرابع في إطلاق اللفظ و إرادة نوعه، أو صنفه، أو شخصه
اعلم: أنّه لا بد للإنسان في إفهام مقاصده لغيره من ما يدلّ عليها، و ليس يوجد فيما يدلّ عليها أسهل و أدلّ من الألفاظ، و لمّا لم تكن بين اللفظ و المعنى علاقة ذاتية بها يختص كل واحد من الألفاظ بمعنى خاص من المعاني حتى ينتقل الذهن منه إليه، احتاج إلى علاقة وضعية يصير بها كل لفظ فانيا في معناه، فجعل لكل معنى من المعاني لفظا خاصا يفهم به المخاطب مراد المتكلم. هذا إذا كان المتكلم مريدا لمعنى من المعاني.
و أمّا إذا كان مراده نفس اللفظ و الحكم عليه أو به فلا حاجة إلى هذه العلاقة الوضعية؛ لأنّه ليس في ذلك دلالة شيء على شيء أو إرادة شيء من شيء أو استعمال شيء في شيء، بل كل ما هناك هو إفهام المتكلم مقصده بنفس إيجاد اللفظ ليلتفت ذهن المخاطب إليه.
و هذا اللفظ الذي يوجده المتكلم يكون جزئيا حقيقيا بالنظر إلى