اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 3 صفحة : 202
المصدر و المشتق، إذن لا يتعقل كونه ممّا يحمل تارة و ممّا لا يحمل أخرى.
و هذا الاعتراض لا يمكن المساعدة عليه، و ذلك لأن أصحابه مضطرون أخيرا إلى الاعتراف بإمكان تصوير مفهوم واحد محفوظ في كلتا الحالتين، و يصح حمله تارة و بلحاظ، و لا يصح حمله تارة أخرى و بلحاظ آخر، هذا المطلب ممّا يضطرهم أخيرا للاعتراف بإمكانه و وقوعه، و ذلك: بإن ننقل الكلام من المشتقات و مصادرها الحقيقية إلى المشتقات و مصادرها الجعلية فنأتي إلى نفس «مفهوم شيء» الذي طعّم به المشتق، فقالوا بأن «عالم» إنما صح حمله على الذات، لأنه طعّم بالشيء، فكأن مدلول «عالم» شيء له الحدث لا ذات الحدث، فنقول بأن «شيء»، بنفسه مشتق له مصدر جعلي، و هو «الشيئية»، فيقال مثلا- «شيء و شيئية» و «ذات و ذاتية» و «إنسان و إنسانية»-، و لا إشكال بإن شيء يحمل على زيد فيقال «زيد شيء»، و لكن الشيئية لا تحمل على زيد فلا يقال «زيد شيئية»، إذن «فشيء» الذي هو مشتق يصح حمله على الذات، و شيئية التي هي المصدر الجعلي لشيء، لا يصح حملها على الذات، و حينئذ نسأل أصحاب الاعتراض، بأن «شيء و شيئية»، هل كلاهما يحتفظان بمفهوم واحد؟. أو أن «شيء» طعّم بشيء آخر وراء الشيئية؟.
فإن قيل بأن «شيء مع الشيئية»، «كعالم» مع «علم»، فكما أن «عالم» طعّم بمعنى إضافي زائد على العلم و هو شيء، فكذلك شيء طعّم بمعنى آخر زائد على الشيئية!، إذن فما هو هذا المعنى الزائد؟. فهل هو نفس مفهوم الشيء؟. إذن، فالكلام في نفس الشيء لأنه شيء له الشيئية، و هذا غير معقول، لأن معناه أخذ العرض في موضوعه، فلا بدّ من فرض شيء أعم من الشيئية حتى يطعّم به مفهوم «شيء»، و لا يتصور ما هو أعم من مفهوم شيئية، إذن فكون شيء مطعّم بمفهوم، بحيث تكون نسبته إلى الشيئية نسبة الشيء إلى العلم، فهذا غير معقول، و إذا لم يكن هناك تطعيم، إذن فقد ثبت أن الشيء و الشيئية لهما مفهوم وحداني محفوظ في شيء و شيئية معا، و مع هذا يصح حمل شيء على الذات و لا يصح حمل الشيئية عليها.
اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 3 صفحة : 202