اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 2 صفحة : 89
الإطلاق وضع لذات معناه، و مع قيد انضمام الحرف إليه، وضع للمعنى الخاص- كالسير المبدوء مثلا-.
فيكون الحرف عندئذ فاقدا لكل دلالة، لأنه ليس إلّا قيدا في الوضع، و الدال واحد هو الإسم الذي انضم إليه الحرف، فلا يكون هناك دالان و مدلولان، بل دال واحد، و مدلول واحد، و يكون الأثر الفني لهذا الطراز من الدلالة، عدم صحة تسليط التقييد و الإطلاق إلى الحروف و معانيها، لأنها ليست دالة على معنى كي يبحث عن إمكان تقييده و عدمه. بل لا بد و أن ترجع القيود إلى الأسماء و المعاني الاسمية دائما، و هذا مما يترتب عليه من نتائج، على ما يظهر في الأبحاث المقبلة من مسائل الأصول.
إذن فلا تناقض و لا شبه تناقض بين الالتزام بعدم وجود مدلول و معنى للحرف مع الاعتراف باختلاف معنى الكلام حين وقوع الحرف فيه من حيث الخصوصيات عن الكلام الفاقد للحرف.
و الواقع إنّ هذا الطراز من التصور في دلالة الحروف، لا برهان تام على بطلانه، و إن كان الوجدان على خلافه بالبداهة اللغوية على ما سوف يتضح فيما يأتي.
المسلك الثاني- اتحاد معاني الحروف مع معاني الأسماء ذاتا:
هذا المسلك هو مختار صاحب الكفاية [1] ((قدّس سرّه))، حيث ذهب إلى أن الحرف موضوع للمعنى نفسه الذي وضع له الإسم، فالمعنى الاسمي و المعنى الحرفي متحدان ذاتا، و لكنهما يختلفان في جهة عرضية، و كلام صاحب (الكفاية) في تحقيق مسلكه هذا ينحل إلى جهتين:
الجهة الأولى: و هي أن المعنى الحرفي و المعنى الاسمي شيء واحد، و لا يوجد فرق ذاتي بين معنى- من، و الابتداء-، و معنى- إلى، و الانتهاء-