responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر    الجزء : 2  صفحة : 185

و هذا المطلب يختلف تصورا و ملاكا عن السابق في الحيثية الأولى:

أمّا تصورا: فواضح، لأنّ في الحيثية الأولى، الكلام في جوهر الدلالة الوضعية، بينما في هذه الحيثية، الكلام في تبعية الدلالة للإرادة، و عدم تبعيتها للإرادة. فالكلام هنا تصورا في ظرف الدلالة الوضعية، هل هي موقوفة على إرادة المتكلم فحيث لا إرادة فلا دلالة وضعية، أو إنها غير موقوفة؟.

و أمّا ملاكا: فتبعية الدلالة للإرادة بناء على مسلك التعهد، أمر غير معقول، لأنه بالتعهد، اللفظ يكشف عن الإرادة، فإذا صارت دلالة اللفظ على الإرادة فرع الإرادة، فمعنى هذا أننا نحتاج قبل دلالة اللفظ إلى أن نحرز الإرادة من الخارج، مع أن اللفظ كاشف عن الإرادة بناء على التعهّد، فتبعية الدلالة للإرادة خلف مبنى التعهد فهو أمر غير معقول. فتبعية الدلالة للإرادة إنما تتعقل بناء على مسلك الاعتبار، بأن يدّعى بأن الإرادة مأخوذة قيدا في الوضع الاعتباري، لكن ليس في المعنى الموضوع له، لأن الإرادة حينئذ تصبح دخيلة في مدلول اللفظ، و لا معنى لان يقال بأن دلالة اللفظ على المعنى فرع وجود المعنى خارجا، بل لا بدّ من أن يدّعى أخذ الإرادة قيدا في نفس الوضع أو في اللفظ، بأن يقال إن العلقة الوضعية مقيّدة بصورة وجود الإرادة، فحينئذ يقال بأن الدلالة الوضعية فرع العلقة الوضعية، و العلقة الوضعية فرع الإرادة، فحيث لا إرادة، لا علقة وضعية، و بالتالي لا دلالة وضعية. أو يقال: بأن الإرادة مأخوذة قيدا في اللفظ، فحيث لا إرادة يكون اللفظ بلا وضع، فهو مهمل. و مع الإرادة يكون اللفظ موضوعا، و بذلك تتم تبعية الدلالة للإرادة، لأن الدلالة تابعة للوضع، و الوضع فرع أن يكون اللفظ مقرونا بالإرادة.

إذن الحيثية الثانية معاكسة للحيثية الأولى. فملاك كون الدلالة تصديقية، هو التعهد، لكن التعهد لا يناسب تبعية الدلالة للإرادة، بل يناسب مسلك الاعتبار، بأخذ الإرادة قيدا في الوضع، أو في اللفظ، لا في المعنى الموضوع له. و حينئذ قد يقال بتبعية الدلالة للإرادة.

اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر    الجزء : 2  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست