اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 2 صفحة : 186
تصوير الحيثية الثالثة: هل إنّ الإرادة مأخوذة قيدا في المدلول، أو ليست مأخوذة قيدا في المدلول؟.
و هذا المطلب يغاير المطلبين السابقين لأن في هذا المطلب لا يراد معرفة جوهر الدلالة، أو ما هو ظرفها، بل يراد معرفة حدود هذه الدلالة، و هل أن المدلول هو ذات المعنى، أو المعنى مع الإرادة.
تحقيق الكلام في الحيثية الأولى:
هل إنّ الدلالة الوضعية دلالة تصورية أو دلالة تصديقية؟.
و الصحيح إنّها دلالة تصورية، و ليست مستبطنة للدلالة التصديقية، و تحقيق ذلك ببيان مقدمتين:
- المقدمة الأولى: إنّ الوضع ليس هو التعهّد، بل هو الاعتبار بالمعنى المختار، حيث أن الواضع يقرن صورة شيء مع صورة شيء آخر كما في السكوني و النوفلي، فيوجب انتقال الذهن من صورة اللفظ إلى صورة المعنى، و قد تقدم توضيح ذلك في بحث الوضع.
- المقدمة الثانية: إنّ تصوير كون الدلالة الوضعية تصديقية، هو معقول بناء على مسلك التعهّد، و غير معقول بناء على مسلك الاعتبار.
أمّا كونه معقولا بناء على مسلك التعهّد: ففي غاية الوضوح، لأنّ المتعهد يوجد ملازمة بين اللفظ و الإرادة، و ينشأ بذلك الانتقال التصديقي من أحدهما إلى الآخر.
و أمّا عدم معقوليته بناء على مسلك الاعتبار: فواضح أيضا، لأنّ الاعتبار هو قرن صورة اللفظ مع صورة المعنى في ذهن السامع، و هذا القرن بين الصورتين يوجب تلازما بين تصور اللفظ، و تصور المعنى، فينتقل من أحد التصورين إلى التصور الآخر. و هذا الانتقال انتقال تصوري لا محالة، و هو
اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 2 صفحة : 186