اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 1 صفحة : 67
و لكن الدليل الثاني أيضا غير صحيح، و ذلك لأنه لا يمكن أن نستدلّ على وجود الموضوع لكل علم من دعوى أنّ تمايز العلوم بموضوعاتها، فإنّ كون العلوم تتميز بموضوعاتها يتوقف على أن نثبت بأنّ لكل علم موضوعا [1].
فإذا كانت تلك القضية مشكوكة لنا، إذن فكيف نستطيع أن نبرهن على أنّ لكل علم موضوعا، بلحاظ أنّ تمايز العلوم بالموضوعات.
نعم لو ثبت أنّ تمايز العلوم بموضوعاتها بدليل تعبدي أو شبه تعبدي، كآية أو رواية، حينئذ نستكشف بطريق ال (إن) أنه لا بد و أن يكون لكل علم موضوع.
و أمّا بقطع النظر عن الدليل التعبدي، أو شبه التعبدي، لا يمكننا أن نجعل هذا برهانا على وجود الموضوع لكل علم.
المقالة الثانية: و هي أن البرهان قائم على عدم وجود موضوع لكل علم:
التقريب الأول: و هو أننا إذا لاحظنا علم الفقه، سوف نجد أن محمولاته عبارة عن الأحكام الشرعية مثل- الصلاة واجبة، الخمر حرام، الدم نجس، و هكذا. و هذه أمور اعتبارية و ليست أمورا حقيقية.
و عليه: لو فرض أننا أردنا أن نتصور جامعا حقيقيا قوليا بين مسائل هذا العلم، بحيث يجمع هذا الجامع بموضوعه بين موضوعات مسائل هذا العلم، و بمحموله بين محمولات مسائله، لتعذر علينا ذلك، لأنّ القضية الكلية الجامعة غير متصورة في علم الفقه بسبب محمولات مسائله التي هي أمور اعتبارية، و لا بد أن يكون جامع الأمور الاعتبارية أمرا اعتباريا، و هو غير متحقق في هذه القضية.
و لكن هذا التقريب غير صحيح، و ذلك لأنه حتى مع غرض أن الأحكام
[1] و وجه البطلان للزوم الدور، أو لزوم حمل الشيء على نفسه، لأنه أخذ عقد الحمل في عقد الموضوع. (المؤلف).