اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 1 صفحة : 66
الدليل الثاني على تعددية الموضوعات، بتعدد العلوم:
هو أن التمايز بين العلوم بالموضوعات.
و حيث أنه كذلك فلا بد من أن يفرض لكل علم موضوعا، و لو لم يكن لكل علم موضوع خاص به، لم يكن العلم متميزا عن سائر العلوم الأخرى، و كأن صاحب هذا الكلام فرض في هذا الدليل أصلا موضوعيا و هو أن التمايز بين العلوم بالموضوعات، ثم يرتب عليه أنه بناء لذلك يجب أن يكون لكل علم موضوع.
و المحقق الخراساني ناقش في الأصل الموضوعي هذا و قال [1]: بأنه لو كان تمايز العلوم بالموضوعات، إذن يلزم أن يكون لكل باب بل لكل مسألة علم مستقل، لأنّ موضوع باب الفاعل غير موضوع باب المفعول. فيكون هذا علما و ذاك علما آخر، مع أنه لا يلتزم بذلك أحد [2]. و عدم الالتزام بذلك يكشف عن أن تمايز العلوم ليس بالموضوعات.
و لكن المحقق الخراسانيّ في نقاشه هذا قد جانب الصواب، و ذلك لأنّ السادة العلماء حينما يقولون بأن تمايز العلوم بالموضوعات، لا يقصدون بذلك أيّ موضوع كيفما اتّفق حتى يقال بأن الفاعل موضوع و المفعول موضوع. إذن ليكن لكل منهما علم.
بل [3] القصد هو أن تمايز العلوم إنما يكون بالموضوع الذي لا تكون عوارضه الذاتية عوارض ذاتية لموضوع أعمّ منه. مثلا: الفاعل موضوع متميز عن المفعول، و لكن العوارض الذاتية له بحسب مباني السادة العلماء، عوارض ذاتية لموضوع أعمّ منه و هو الكلمة. و عليه: فلا يجوز جعل الفاعل موضوعا لعلم خاص به. و من هنا يظهر رد نقاش المحقق الخراساني.