اسم الکتاب : باب الحوائج الإمام موسى الكاظم(ع) المؤلف : حسين الحاج حسن الجزء : 1 صفحة : 263
- يا أمير المؤمنين ما رأيت مثلهما في ذكائهما، و جودة فهمهما، أطال اللّه بقاءهما و رزق اللّه الأمة من رأفتهما و عطفهما.
فأخذهما الرشيد و ضمّهما الى صدره، و سبقته عبرته فبكى حتى انحدرت دموعه على لحيته، ثم أذن لهما في القيام فنهضا، و قال:
«يا أصمعي كيف فهما إذا ظهر تعاديهما، و بدا تباغضهما، و وقع بأسهما بينهما، حتى تسفك الدماء، و يود كثير من الأحياء أنهما كانا موتى» فبهر الأصمعي من ذلك و قال له:
«يا أمير المؤمنين هذا شيء قضى به المنجّمون عند مولدهما، أو شيء أثرته العلماء في أمرهما!!».
فقال الرشيد بلهجة الواثق بما يقول:
«لا، بل شيء أثرته العلماء عن الأوصياء عن الأنبياء في أمرهما ..».
قال المأمون: كان الرشيد قد سمع جميع ما يجري بيننا من موسى بن جعفر [1].
إن علم الرشيد بسموّ منزلة الإمام، و بما تذهب إليه جموع المسلمين من القول بإمامته هو الذي أثار غضبه، و زاد في أحقاده عليه، مما دعاه الى زجّه في السجن أعواما طويلة.
كان الحقد على العلويين عامة و الإمام موسى (عليه السّلام) خاصة من مقومات ذات الرشيد، و من أبرز صفاته النفسية، و كان يحمل حقدا لكل شخصية مرموقة لها المكانة العليا في مجتمعه، و لم يرق له بأي حال أن يسمع الناس يتحدّثون عن أي شخص يتمتع بمكانة عليا، محاولا احتكار الذكر الحسن لنفسه و لذاته؛ لكن الليل لا يستطيع منع الفجر من الطلوع، فالفجر يطلع و الشمس تسطع بنورها الكاشف، و الجمهور يميّز بين الظلام و النور.
7- صلابة موقف الامام (عليه السّلام):
كان صلحاء الأمة يقاومون الظلم في كل عهوده و في كل ألوانه، لأن ذلك