فالميت من ماء الحياة قد خلا * * * و كافر كان حياته كلا
إذ قد توقّعنا حياة العلم * * * بالحقّ منه، لا حياة العجم
جعل كذلك لأنّه (لها) أي للحياة (رقيقة)، فالحقيقة هي أولى بأن تكون طاهرة و مطهّرة.
و إذا عرفت ذلك نقول (فالميت من ماء الحياة)- الإضافة بيانيّة أو من قبيل «لجين الماء»- (قد خلا) فهو محكوم عليه بالنجاسة، (و كافر كان حياته كلا) أي كلا حياة، فهو أيضا كالميّت النجس. فإنّ الحياة حياتان:
إحداهما: مبدء الدرك و الفعل، فيقال: «الحيّ هو الدرّاك الفعّال»، فأدنى مراتب الدرك الإحساس، و قبله التخيّل، و قبله التوهّم، و قبله التعقّل، و أعلاها العلم الحضوري الفعلي الواجب [1] بالذات، و أدنى مراتب الفعل الحركة الشهويّة و الغضبيّة الحيوانيّة، و أعلاها الإبداع، و بعده الإنشاء، و بعده الاختراع، و بعده التكوين للواجب بالذات، فحياة الحيوان معناها مبدء الدرك و الفعل، فهو حيّ بمعنى أنّه حسّاس متحرّك بالإرادة.
و ثانيتهما: حياة العلم و المعرفة بالمبدء و المعاد، و بهذا المعنى الجاهلون موتى، و من كلمات أمير المؤمنين علي (عليه السلام)[2]:
و في الجهل قبل الموت موت لأهله * * * و أجسادهم قبل القبور قبور
و إنّ امرء لم يجئ بالعلم ميّت * * * و ليس له حتّى النشور نشور
و إلى هذه أشرنا بقولنا (إذ قد توقّعنا حياة العلم، بالحقّ) جلّ جلاله (منه) أي من الكافر بحسب أصل فطرته (لا حياة) حيوانات (العجم).
و لمّا كان هنا مظنّة سؤال هو «أنّه إن كان عدم الحياة منشأ للنجاسة،