responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أخلاق أهل البيت المؤلف : الصدر، السيد مهدي    الجزء : 1  صفحة : 201

ونوّره بالحكمة ، وذلّله بذِكر الموت ، وقرّره بالفناء ، وبصّره فجائع الدنيا ، وحَذّره صَولة الدهر ، وفُحش تقلّب الليالي والأيّام ، واعرض عليه أخبار الماضين ، وذكّره بما أصاب مَن كان قبلَك مِن الأوّلين ، وسِر في ديارهم وآثارهم ، فانظر فيما فعلوا ، وعمّا انتقلوا ، وأين حلّوا ونزَلوا ، فإنّك تجدهم قد انتقلوا عن الأحبّة ، وحلّوا ديار الغربة ، وكأنّك عن قليلٍ قد صِرت كأحدِهم ، فأصلح مثواك ، ولا تبِع آخرتَك بدُنياك )[1] .

ومن روائع الحِكَم التشبيه التالي :

( فقد شبّه الحُكماء الإنسان وانهماكه في الدنيا ، واغتراره بها ، وغفلته عمّا وراءها ، كشخصٍ مُدلىً في بئر ، ووسَطه مشدودٌ بحبل ، وفي أسفل ذلك البئر ثُعبانٌ عظيم ، متوجّه إليه ، منتظرٌ لسقوطه ، فاتحٌ فاهُ لالتقامه ، وفي أعلى ذلك البئر جرذان أبيضٌ وأسود ، لا يزالان يقرِضان ذلك الحبل ، شيئاً فشيئاً ، ولا يفتران عن قرضِه آناً ما ، وذلك الشخص مع رؤيته ذلك الثعبان ، ومشاهدته لانقراض الحبل آناً فآناً ، قد أقبل على قليلِ عسلٍ ، قد لُطِخ به جِدارُ ذلك البئر وامتزج بترابه ، واجتمع عليه زنابيرٌ كثيرة ، وهو مشغولٌ بلطعه ، منهمكٌ فيه ، متلذّذٌ بما أصاب منه ، مخاصمٌ لتلك الزنابير التي عليه ، قد صرف جميعَ باله إلى ذلك ، فهو غير ملتفتٍ إلى ما فوقه وما تحته .

فالبئر هو الدنيا ، والحبل هو العمر ، والثعبان الفاتح فاه هو الموت ،


[1] نهج البلاغة في وصيّته (عليه السلام) لابنه الحسن .

اسم الکتاب : أخلاق أهل البيت المؤلف : الصدر، السيد مهدي    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست