غناء لاتخاذ هذه الكيفية للهو و الطرب دون كيفية القراءة، و لعله يؤيد ذلك استثناء النوح منه و عدم ادخاله في موضوعه باعتبار عدم اتخاذه للهو و الطرب.
و الحاصل ان الكيفية الخاصة للفظ إن كانت متخذة للهو كان غناءً عرفاً، و الا فلا.
قلت: لا وجه لأخذ ذلك في حقيقة الغناء، بل إطلاق كلام أهل اللغة و الفقهاء يرد ذلك، و تعارف استعمال تلك الكيفية الخاصة في مجلس اللهو يصيّر ذلك مأخوذا في حقيقته و لا شك أن من الغناء و الاصوات الشجية المثيرة للحزن و البكاء كما يستعمله العشاق غالبا، بل هو نوع من الطرب و لهذا قالوا في تفسير الطرب انه خفة لسرور أو حزن حتى أنه حكي عن القاموس التصريح بوهم [1] من خص ذلك بالسرور [2].
فان قلت: ان ذلك و ان لم يكن مأخوذا في مطلق الموضوع لكنه مأخوذ في الموضوع الذي هو متعلق الحكم التحريمي لإشعار أدلة التحريم بذلك، قلت: قد سمعت في ما مر اطلاق الادلة المتكثرة التي كادت تكون متواترة، بل صرح بعض أصحابنا بتواترها بحرمة الغناء فلا وجه بعد للتقييد، و لو فرض في بعض الادلة اشعار بذلك فليس له قابلية تقييد ما مر من المطلقات فاللازم الحكم بتحريم مطلق الغناء.
و من هنا ظهر لك فساد كلام بعض من عاصرناه من المتأخرين [3] حيث يظهر من كلامه ان المحرم هو ذلك، فان كان هو الغناء فلا كلام، و ان كان الغناء أعم لزم تقييد المحرم بذلك، و ان كان اخص لزم تعميم المحرم.
ثانيها: ما استند اليه بعضهم من أن بين ما دل على حرمة الغناء و ما دل على استحباب قراءة القرآن عموم و خصوص من وجه، و ما دل على استحباب القراءة أرجح من جهة موافقته للأصل. و فيه أن هذا ليس من تعارض العموم المحتاج الى ترجيح بل فهم أهل العرف كاف فيه نحو العام و الخاص و المطلق و المقيد، و الا لتحقق
[1] العبارة في المخطوطة هي (التصريح بفساد و هم في خص).