من جملة ما يحرم التكسب به لحرمته ذاتاً الغناء، و الكلام أما في موضوعه أو في حكمه أو مستثنياته، فينتظم البحث فيه في مقامات ثلاثة:
المقام الأول: في موضوعه
قال في محكي القاموس (الغناء ككساء من الصوت ما طُرّب به) [1]، و عن النهاية (كل من رفع صوتاً و والاه فصوته عند العرب غناء) [2]، و نقل في محكي النهاية عن الشافعي (انه تحسين الصوت و ترقيقه) [3]، و عن بعض كتب اللغة أنه (ترجيع الصوت و مده)، و عن آخر (أنه مد الصوت)، و عن آخر (انه رفع الصوت)، و عن المصباح المنير أنه (الصوت) [4]، الى غير ذلك من كلمات أهل اللغة المختلفة في تفسيره غاية الاختلاف و ليس الاختلاف في كلامهم مبنياً على التعارض حتى ينظر في التعادل و يرجح الأكثر أو الأبصر او على الجمع فيؤخذ بالجامع للصفات لأنه المتيقن و الأصل جواز ما عداه، أو بالجميع عملا بقول المثبت فيما أثبته و رداً للنافي فيما نفاه، بل أنما قصدهم كما لا يخفى على من مارس كلامهم في بيانهم لمعاني الألفاظ الشائعة المشهورة الدوران حول العرف و الإشارة اليه و بيان المعنى العام ليحترز عن إدخاله في جنس آخر كبيان أن الغناء من مقولة الأصوات و كيفياتها، كما أن غرضهم في قولهم: (سعدانة نبت) بيان انها من مقولة النبات و انها من هذا الجنس لا من غيره، و لهذا ترى من عد للغناء معنيين: لغوي و عرفي قبل الشهيد (رحمه الله) و لا ترى بينهم معركة و نزاعاً مع اختلاف العبارات و تفاوت الكلمات بل و لا من نسب اليهم الخلاف في مفهومه مع كثرة ما اختلفوا فيه من القيود.
و السر في اختلاف كلماتهم هو أنه اذا تطابق العرف و اللغة في لفظ قالوا أنه معروف أو أشاروا اليه إشارة كقولهم (مد الصوت، رفع الصوت) و ذلك من