و منها: حكم بعض بجواز ارتكاب كلا المشتبهين في الشبهة المحصورة [1] دفعة أو تدريجا؛ ...
و بالجملة، إنّ ردّ الشيخ الطوسيّ (رحمه اللّه) في ضمن بعض كلماته القول بطرح كلا القولين لاستلزامه طرح الحكم الواقعيّ و إحداث القول الثالث يعدّ قرينة واضحة على أنّ مراده من التخيير هو التخيير الظاهريّ دون الواقعيّ كما زعمه المحقّق الحلّيّ (رحمه اللّه) [1] و تبعه المصنّف (رحمه اللّه) مستشهدا ببعض قرائن خفيّة، و اللّه العالم بحقائق الامور.
الثانية: جواز ارتكاب المشتبهين في الشبهة المحصورة
[1] القائل بجواز ارتكاب كلا المشتبهين بالشبهة المحصورة هو المحدّث المجلسيّ (رحمه اللّه) في الأربعين، كما مرّ توضيحه [2].
و وجهه أنّه [3] مشمول أدلّة البراءة، فإنّ في بعض تلك الأدلّة توجد لفظة «بعينه»، مثل قوله (عليه السّلام): «كلّ شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال أبدا حتّى تعرف
[1] قال (قدّس سرّه) في معارج الاصول: 133: «المسألة الثانية: إذا اختلفت الإماميّة على قولين- إلى أن قال-: فإن كان مع إحدى الطائفتين دلالة قطعيّة توجب العلم وجب العمل على قولها؛ لأنّ الإمام معها قطعا، و إن لم يكن مع إحداهما دليل قاطع، قال الشيخ (رحمه اللّه): تخيّرنا في العمل بأيّهما شئنا، قال بعض أصحابنا: طرحنا القولين و التمسنا دليلا من غيرهما و ضعّف الشيخ (رحمه اللّه) هذا القول (أي القول بالطرح) بأنّه يلزم منه إطراح قول الإمام (عليه السّلام). قلت: و بمثل هذا يبطل ما ذكره (رحمه اللّه)؛ لأنّ الإماميّة إذا اختلفت على قولين، فكلّ طائفة توجب العمل بقولها، و تمنع من العمل بالقول الآخر، فلو تخيّرنا لاستبحنا ما حظره المعصوم (عليه السّلام)».
[2] انظر الصفحة 361 و 362، ذيل عنوان «الأقوال و المباني حول العلم الإجماليّ».