و الحاصل: أنّ الأخبار المتقدّمة تنصرف إلى هؤلاء الأخباث الذين ما كانوا ليراجعوا إلى الأئمّة (عليهم السّلام)، بل كانوا يقابلونهم و يضادّونهم (عليهم السّلام) في الفتيا و العمل، دون الشيعة الإماميّة الذين كانوا يراجعون إليهم (عليهم السّلام) في جميع امورهم مدى الدهور و طيلة الأزمان.
و الشاهد على ما قلناه من مقابلتهم الأئمّة (عليهم السّلام) هو أمر أبي حنيفة لعنه اللّه بفتح إحدى العينين و غمض الاخرى في السجود ليستيقن أنّه عمل على خلاف الصادق (عليه السّلام) [1]، و سيذكره المصنّف (رحمه اللّه) في ما بعد [2].
[1] أي الأخبار الدالّة بظاهرها على منع العمل بغير المسموع إن لم يكن المراد منها عدم جواز الاستبداد بالرأي و يكون مفادها مجرّد حرمة العمل بالدليل العقليّ الذي لا يمكن الجمع بينه و بين الدليل النقليّ- كما أصرّ عليه الأخباريّ- فيرد عليه محذوران: أحدهما: ما أشار إليه المصنّف (رحمه اللّه) بقوله: «فإدراك العقل القطعيّ ...»، و ثانيهما: ما أشار إليه بقوله: «مع أنّ ظاهرها ...».
بخلاف ما تقول العامّة؟»، فقلت: لا أدري، فقال: «إنّ عليّا (عليه السّلام) لم يكن يدين اللّه بدين إلّا خالف عليه الامّة إلى غيره إرادة لإبطال أمره، و كانوا يسألون أمير المؤمنين (عليه السّلام) عن الشيء الذي لا يعلمونه فإذا أفتاهم جعلوا له ضدّا من عندهم، ليلتبسوا على الناس».
(وسائل الشيعة 18: 83، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 24).